اراء وأقلام

(ما أَجمَلَ ضَجيجَ العَائِلةِ)

بوست نيوز :-

يعتبُ عليَّ بعضٌ من الأصدقاء عندما أضع أغنيَّةً حزينةً على وسائل التَّواصل الاجتماعيّ، وعتابهم نابعٌ من محبتهم لي؛ لأنَّهم لا يريدون لي أن أسترجع ذكرياتٍ وأحزانٍ قديمةٍ، وهناك فئة أخرى ينزعجون منّي وأنا ألتمس لهم العذر؛ لأنَّهم ولله الحمد لم يمرّوا بمثلِ هذه الظُّروف، وأدعو الله أن يجنّبهم الأحزان، ولكنّي أطلب منهم على الأقل إذا لم يعجبهم ما أنشر أن يكتفوا بعدم العتاب، فإنَّ جمال ضجيج العائلة لا يعرف قيمته إلَّا من فقده.
قبل عشر سنوات أو أكثر قليلًا، كنت أواجه في شهر رمضان ومناسبات الأعياد مشكلةً؛ بسبب كثرة دعوات الولائم العائليَّة من عدَّة أطراف، ومع مرور الأيام بدأت أجيال ترحل، وبعدها بسنوات بدأ من هم في عمري بالرَّحيل، فأصبحت عزائم (لمَّة العيلة) تتقلص إلى أن أصبحتُ أفطر في رمضان والأعياد بمفردي، وهذه هي سنَّة الحياة، كنَّا سابقًا نجلس على مائدة الطَّعام في المناسبات في الفوج الثَّاني بسبب كثرة عددنا، وكثير ما يلفتُ نظري عندما أمرُّ من أمام منزلٍ كبيرٍ له مجلس أو ديوانيَّة خارجيَّة مليئة بالأهل والأصدقاء، وأغبطهم على هذه الجمعة الجميلة، فهذه التَّجمعات الجميلة وما فيها من ضجيجٍ في رأي البعض بالنَّسبة لي أشعر أنَّها طاقةٌ إيجابيَّةٌ مشجّعةٌ للحياة، وهناك فرقٌ بين الرحيل والوداع فالأول مؤلمٌ لأنَّه يرتبط بأشخاصٍ لن نراهم مرة أخرى، أمَّا الوداع فهو رحيلٌ تذرف فيه الدُّموع لكنَّه وداعٌ جميلٌ؛ لأنَّه يحمل في طيَّاته ذكرياتٍ جميلة مثل التَّخرج من الدراسة، أو الزواج، والكثير من المناسبات الجميلة التي يشتاق الإنسان للعودة إليها، من منّا لا يشتاق للعودة إلى أيام الدراسة!
أو عندما يتزوج ويزور بيت العائلة فتجده سرعان ما يدخل إلى غرفته ويلقي نفسه على سريره القديم، أبعد الله عنّا وعنكم الرَّحيل المر ورزقنا الفرح الدائم، ودائمًا ما أتفاءل عندما أقرأ قد يكون الماضي حلوًا ولكنَّ الحاضر أحلى، دعوةٌ للتفاؤل ليكون القادم هو الأجمل.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى