شريط الاخبار

د. أبو حـمـور : تحديـث القطاع العام ورفع كفاءته خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح

بوست نيوز :-

قال الدكتور محمد أبو حمور – الخبير الاقتصادي ووزير المالية ووزير الصناعة والتجارة الأسبق ردا على أسئلة « مركز الدستور للدراسات الاقتصادية « :
قد يكون من المبكر الحديث عن تحقيق الاهداف المرجوة من « خارطة طريق تحديث القطاع العام « فنحن لا زلنا في بداية الطريق، ولكن يمكن القول ان فكرة تحديث القطاع العام ورفع كفاءته هي خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح لا بد من السير بها قدماً واخضاعها لمراجعة دورية لتتمكن الدولة الاردنية من تحقيق الغاية والهدف النهائي الذي أشار له جلالة الملك وهو «تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين ورفع كفاءة الإدارة العامة»، وفكرة المراجعة واعادة التقييم بحد ذاتها تفترض ان التفاصيل قابلة للتغيير والتعديل مع الحفاظ على المكونات الاساسية للبرنامج التنفيذي 2022 – 2025 بمكوِّناته السَّبعة التي تشمل: الخدمات الحكوميَّة، والاجراءات والرَّقمنة، والهيكل التَّنظيمي والحوكمة، ورسم السِّياسة وصنع القرار، والموارد البشريَّة، والتَّشريعات، والثقافة المؤسسيَّة، ومن الضروري ايضاً الالتزام بالتوجيهات الملكية التي أكدت « أن تقوم الحكومة بشرح أهداف الخارطة للمواطنين ليكونوا شركاء في التنفيذ»، ويمكن القول أن تحقيق الاهداف مشروط بحسن التنفيذ والقدرة على الانجاز والتواصل الفعال والمرونة التي تتيح التأقلم والتغيير الايجابي المنسجم مع المستجدات وهي مسؤولية تقع على عاتق مختلف الوزارات والدوائر والمؤسسات الحكومية.
وردا على سؤال حول مدى تناسق مخرجات التطوير الاداري مع مخرجات رؤية التحديث الاقتصادي ومشاريع قوانين تنظيم البيئة الاستثمارية ؟..وهل تساعد المنظومة في جذب الاستثمارات ؟ قال د. أبو حمور :
نستطيع القول أن خارطة تحديث القطاع العام تمثل حلقة في سلسلة الاصلاح التي بدأها جلالة الملك بالاوراق النقاشية والجهود اللاحقة لتحديث المنظومة السياسية ورؤية التحديث الاقتصادي، ومن الضروري ان نعمل لكي تنسجم مخرجات هذه الخارطة مع جهود الاصلاح في المجالات الاخرى للترابط الوثيق والتأثير المتبادل بين مختلف المجالات وهذا ما أكده جلالة الملك عندما أشار الى « أن تحديث القطاع العام من أهم المسارات التي ينتظرها الأردنيون، مؤكدا أن نجاحه ضروري لنجاح مسارات التحديث الأخرى، بخاصة الاقتصادي منها»، وقد أظهرت بعض الدراسات خلال السنوات الماضية أن تعقيد الاجراءات والعوائق الادارية كانت أحد أهم الاسباب التي تعيق تدفق الاستثمارات، فاذا تم حل هذه الاشكاليات نكون قد قطعنا شوطاً جيداً نحو ارساء قاعدة صلبة لتحفيز الاستثمارات المحلية والحفاظ عليها وجذب الاستثمارات الاجنبية، ومن المؤمل ان يتم اقرار التشريعات المتعلقة بالبيئة الاستثمارية بما يعزز هذا التوجه.
وفي هذا الاطار ينبغي أن ندرك بان التنمية الاقتصادية، والاستثمار من أهم مكوناتها، تتفاعل بشكل ايجابي مع مجمل منظومة الاصلاح، فالديمقراطية وسيادة القانون والمساءلة والحكومة الكفؤة والاجراءات المبسطة والشفافية والنزاهة وتوفير الخدمات الملائمة كلها عوامل محفزة لتنمية اقتصادية مستدامة وقادرة على توفير فرص عمل ورفع مستوى معيشة المواطنين.
وحول ابرز معضلات «الادارة « في القطاع العام … وهل وضعت الخارطة لها حلولا ناجعة ؟ قال الدكتور محمد أبو حمور :
خلال سنوات ماضية كانت الادارة الاردنية مضرب المثل في قدراتها وكفاءتها وفاعليتها وكانت مثالاً يحتذي في العديد من المواقف، وساهمت الكفاءات الاردنية بفاعلية في بناء وتطور الدول الشقيقة، وللأسف عاني القطاع العام مؤخراً العديد من الظواهر السلبية مثل تدني الانتاجية والترهل والبطالة المقنعة وظهور بعض الظواهر السلبية مثل الواسطة والمحسوبية وعدم كفاءة بعض من يعين في مراكز قيادية ما أدى الى تراجع أداء القطاع العام وتواضع النتائج والمخرجات، وهذا نتج عنه اثار سلبية على مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، وعلى أوضاع الموازنة العامة للدولة بل وعلى مجمل الاوضاع الاقتصادية.
وقد تضمنت خارطة تحديث القطاع العام عدداً من المبادرات التي تهدف لمعالجة الظواهر السلبية ورفع مستوى الاداء منها 30 مبادرة تتعلق بخدمات حكومية محورها المواطن، و9 مبادرات تهدف إلى ترشيق الإجراءات الحكومية وأتمتتها و 31 مبادرة فمرونة وكفاءة الهيكل الحكومي و23 مبادرة ضمن بند الحوكمة الرشيدة والشفافية، يضاف لذلك 42 مبادرة لخطط استشرافية مترابطة وعابرة للحكومات تستخدم الرقمنة وتقييم الأثر لدعم عملية صنع القرار.
وحول ما اذا كانت « الخطة « قد عالجت مشكلة الترهل الاداري من خلال تطبيق مبدأ الثواب والعقاب للموظفين الحاليين.. والغاء ديوان الخدمة المدنية .. وجعل التوظيف مستقبلا وفقا للكفاءة .. قال د. أبو حمور :
يشكل الترهل الاداري أحد أهم الاختلالات في القطاع العام وهو مقدمة للعديد من الظواهر السلبية في الادارة العامة، لذلك من المهم أن يتم وضع حد لهذه الظاهرة من خلال مكافحة الواسطة والمحسوبية ورفع كفاءة العاملين ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب وهذا يتطلب عملاً منهجياً يتم من خلاله تعزيز المساءلة ووضع أسس ومعايير واضحة وعادلة لتقييم الاداء، وبهذا الخصوص فقد تضمنت خارطة التحديث الاداري 35 مبادرة مرتبطة بتمكين الكفاءات من قيادات ومواهب قادرة على الارتقاء بالأداء في القطاع العام، و22 مبادرة تتعلق بالتشريعات الداعمة للتغيير الإيجابي، و14 مبادرة لتنمية ثقافة مؤسسية محفزة لخدمة المواطن وتعزيز البيئة الداعمة للتحول والابتكار، ولكي تؤدي هذه المبادرات النتائج المرجوة منها لا بد من أختيار القيادات المناسبة والقادرة على قيادة مسيرة اصلاح القطاع العام على ان يرتبط ذلك بالمساءلة والمحاسبة وتقييم أثر القرارات التي يتم اتخاذها مع الالتزام بتقديم خطة عمل وفق مؤشرات قابلة للقياس وفق اطار زمني محدد. هذا بالاضافة الى ضرورة توفر أسس وتعليمات تفصل الجوانب المتعلقة بتنمية الكوادر البشرية وتدريبها والمهام المطلوب تأديتها من خلال وصف وظيفي يتناغم مع طبيعة عمل المؤسسات المختلفة.
وفي تعليقه حول « البيروقراطية « و أبرز التحديات التي يواجهها القطاع الخاص قال د. أبو حمور :
قد لا تكون البيروقراطية هي العائق او التحدي الاساسي الذي يواجه القطاع الخاص، فهي في كثير من الاحيان تكون نتيجة لمتطلبات تشريعية واجراءات عمل، فاذا استطعنا ان نضع الاطار التشريعي الملائم وان نصيغ اجراءات العمل والخدمات وخطواتها بما يحافظ على سلامة الاجراء القانوني وسهولته يمكن ان نحل جزءًا مهماً من هذه الاشكالية، وفي هذا الاطار لا بد من تقليص مساحة الاجتهاد من خلال تعليمات واضحة ومحددة. ولا شك بان المبادرات التي تتضمنها خارطة تحديث القطاع العام يمكن ان تساهم في تجاوز هذا التحدي وذلك من خلال تدريب وتأهيل الموظفين بالتزامن مع تحديث التشريعات وتبسيط الاجراءات، وكلا العاملين، البشري والتشريعي، له دور مهم في تحقيق الانجاز، خدمة باجراءات مبسطة ومتوافقة مع التشريعات.
وحول انعكاسات خارطة الطريق على: (المواطن – المستثمر – تحسين الخدمات – تطوير أداء القطاع العام – خلق قيادات جديدة – تمكين المرأة والشباب) قال د. أبو حمور :
ربما الأهم هو ما الذي يتوقعه المواطن والمستثمر وقطاعات المرأة والشباب من هذه الخطة ومبادراتها المتعددة، وهل ستشكل بادرة لتعزيز الثقة بالسلطة التنفيذية وتأكيد قدرتها على الوفاء بالالتزامات التي أخذتها على عاتقها، أم أنها ستشكل خيبة أمل جديدة باعتبار ان السنوات الماضية شهدت العديد من الخطط والمبادرات التي لم تنفذ. ولكي لا ننظر للأمور بسوداوية لا بد من الاشارة الى ان الاردن لديه تجارب ناجحة ورائدة في تحسين الخدمات التي لمس المواطنون أثرها الايجابي ويكفي ان نشير الى دائرة الاحوال والجوازات ودائرة الترخيص وغيرهما، هذا يعني ان لدينا القدرة على تطوير وتحديث القطاع العام بما ينعكس ايجاباً على مختلف مكونات المجتمع، والمبادرات التي تضمنتها خارطة الطريق سيكون لها اثر مؤكد على تطوير وتحديث القطاع العام الامر الذي ينعكس ايجاباً على المواطن والمستثمر وعلى تحسين الخدمات وتمكين المرأة والشباب واعتماد الكفاءة اساساً للتوظيف وبما يفتح الفرص أمام قيادات شابة ويحفز مختلف الفئات الاجتماعية على المشاركة بفاعلية في الانشطة الاقتصادية والسياسية، ولكن كل ذلك مرتبط بالتنفيذ الجيد والقدرة على التأقلم مع المتطلبات الاقتصادية والاجتماعية، ومن المهم ان تكون هناك نتائج ومخرجات تنعكس بشكل مباشر على مختلف فئات المجتمع وهذا يمنح الثقة بان الامور تسير بالاتجاه الصحيح، وان التحديات الاساسية التي يعاني منها المواطنون يتم التعامل معها بالشكل الملائم.
وفي رده على سؤال حول ما اذا كان من مصلحة القطاع الخاص الابقاء على وزارة العمل كمرجعية واحدة للتعامل مع ملف «العمال « أم الافضل توزيع الملف – كما جاء في الخطة – على ثلاث وزارات ؟ قال د. أبو حمور :
يعاني الاردن من نسبة بطالة مرتفعة وهذا بلا شك يسلط الضوء على وزارة العمل خاصة وان الجهات التي تتعامل معها قد تتناقض مصالحها في بعض الاحيان، والحديث بشأن هذه الوزارة لا بد أن يبدأ من تقييم طبيعة الخدمات التي تقدمها والمهام المناطة بها، واذا كانت الفكرة تحقيق المصلحة وتوفير الخدمات بافضل صورة وأقل التكاليف فلا بد من الرجوع الى أصحاب العلاقة، أي أرباب العمل والعمال، وهذا التواصل سيوفر أساساً منطقياً لما يمكن ان يتم اتخاذه من قرارات، وربما لافكار تتيح تطوير العمل وتحقيق الاهداف المتوخاة باساليب اخرى، وعموماً يمكن القول ان المقترحات المتعلقة بدمج او الغاء الوزارات تحتاج لمراجعة مع دراسة الاثار المترتبة عليها، ومن الملاحظ انه لم يتم التطرق لموضوع الهيئات في هذا السياق ما أثار العديد من الملاحظات.
وختم الدكتور محمد أبو حمور حديثه بالقول :
تحديث القطاع العام ضرورة وخطوة في الاتجاه الصحيح ومن المهم أن يتم ذلك بكفاءة وحرفية عالية ووفقاً لاطار زمني محدد، مع اعتماد مؤشرات قابلة للقياس فكما يقال مالا يمكن قياسه لا يمكن ادارته، ومن المفيد هنا التذكير بما قاله جلالة الملك وأكد عليه وهو»، أهمية تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، وأن يشعر المواطن بفرق حقيقي في نوعية الخدمات المقدمة له، لتعزيز الثقة بكفاءة القطاع العام ومهنيته. وأن الإصلاحات يجب أن تكون شاملة ومتكاملة، لكي تترافق الإصلاحات الإدارية مع مساري الإصلاحات السياسية والاقتصادية، ودون ذلك ستتأثر عملية الإصلاح برمتها».
وخلص الدكتور أبو حمور الى القول :
– الاطار العام لا يكفي ، بل لا بد ان يتزامن تحديث القطاع العام مع تحديث الوزارات والدوائر والمؤسسات المختلفة.
– التأكد من أن التحديث عابر للحكومات كما هي رؤية التحديث الاقتصادي.
– العامل البشري مهم جداً وخاصة القيادات الادارية القادرة على قيادة عمليات التغيير والتطوير.
– المحاسبة والمساءلة والخطط المؤطرة زمنياً تضمن عدم استمرار غير القادرين على العطاء.
– اعتماد الكفاءة والعدالة في الوظائف ووضع الاطر والتعليمات التي تكفل ذلك.
– الخطة الجيدة هي التي يمكن مراجعتها واعادة تقييمها وتعديلها وفق المصلحة التي تحقق الهدف.
– حسن التنفيذ هو المعيار الذي يحدد الفشل او النجاح.
– ضرورة بيان الاثر المالي للمبادرات المختلفة وعلاقتها مع رؤية التحديث الاقتصادي.

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى