عربي ودولي

الأمير الحسن بن طلال يرعى افتتاح مؤتمر “مؤرخو القدس”

أكد سمو الأمير الحسن بن طلال، رئيس منتدى الفكر العربي ورئيس مجلس أمناء مركز الحسن بن طلال لدراسات القدس لمرحلة ما بعد الدكتوراة، أن القدس ستظل ثابتة ومتجذّرة في وجدان الأمة، مشددًا على أهمية دعم صمود أهلها من أجل حماية تاريخ المدينة والحفاظ على هوية سكانها المقدسيين.

جاء ذلك خلال افتتاح سموه، اليوم الأربعاء، لأعمال مؤتمر “مؤرخو القدس (2)” الذي يُعقد تحت عنوان “القدس إلى أين؟”، ويستمر على مدار يومين، بتنظيم من مركز الحسن بن طلال لدراسات القدس، ومنتدى الفكر العربي، والمعهد الملكي للدراسات الدينية، ومركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية (إرسيكا).

وفي حضور نخبة من الباحثين والمختصين والخبراء من الأردن والعالم العربي والدولي، أشار سموه إلى أن الإرث الثقافي يؤدي إلى بناء الحضارات، في مقابل الهمجية، مؤكدًا أن المكانة الوسطية للقدس تدعو إلى استلهام دروس التاريخ لا البقاء أسرى للمعاناة والعزلة.

كما لفت إلى أن ارتباط الأردن بالقدس هو جزء أصيل من تراث المملكة، يمتد لأكثر من قرن، وهو التزام عقائدي راسخ في وجدان الشعب الأردني. وفي سياق حديثه عن الأوقاف الإسلامية في المدينة، دعا سموه إلى تبني رؤية جماعية تقوم على تأسيس كيان استثماري موحد، يضع خطة استراتيجية شاملة لاستثمار الأوقاف، بما يسهم في تثبيت المقدسيين وتعزيز صمودهم.

ونوّه سموه إلى أن جوهر مبادرة “القدس في الضمير”، التي أُطلقت منذ أكثر من عشرين عامًا ضمن منتدى الفكر العربي، يتمثل في دعم الإنسان العربي والفلسطيني المقدسي الذي يعيش واقعًا معقدًا داخل المدينة، مؤكداً أهمية حماية هوية القدس ومستقبلها ودور أهلها فيها.

وأشار سموه إلى أن استهداف التراث الحضاري لطالما كان سمة في تاريخ الصراعات في منطقة الشام، مما يستوجب توثيق هذا التراث بأساليب حديثة ترتقي بالوعي الحضاري وتعزز من احترام المعرفة. وأكد على ضرورة بناء الجسور الثقافية بين الشعوب وهدم الحواجز الفكرية لمواجهة الطائفية والانقسام.

وأضاف سموه: “نستحضر هنا أهمية الثقافات المشرقية التي تحمل في جوهرها روح الإشراق ووحدة الضمير الإنساني، وترتكز على مبدأ تعظيم القواسم المشتركة واحترام الاختلافات”.

وبيّن أن المؤتمر يشكل فرصة ثمينة للانتقال من ثقافة القطيعة إلى ثقافة الوصل، ومن المراجعة إلى المبادرة، من خلال تطوير رؤية استراتيجية قابلة للتحول إلى خطط عملية تساهم في مواجهة التطرف والعنف، وتُبقي القدس حاضرة في الضمير العربي والإنساني.

واختتم سموه كلمته بالدعوة إلى تبني سياسات تواصل جديدة وفاعلة تثمر عن برامج مستقبلية بنّاءة، تسهم في صياغة رؤية جامعة ومحفزة.

من جانبه، أكد الدكتور محمد هاشم غوشة، مدير معهد الحسن بن طلال لدراسات القدس، أن العلاقة بين عمان والقدس ليست مجرد جيرة جغرافية، بل هي علاقة روح ووجدان ومصير مشترك، تمتد من العواصم إلى القلوب، حيث لطالما نظرت عمان إلى القدس بعين المسؤولية، وتبادلت القدس معها الوفاء والدعاء.

وأضاف أن القدس حاضرة دومًا في خطاب عمان وفكرها، فيما يعيش المقدسيون على عهد الهاشميين الذين نذروا أنفسهم لحماية المقدسات والهوية، مشيرًا إلى أن المدينتين تتقاسمان الأرض والسماء، كما تتشاركان الذاكرة والسرد التاريخي والرباط المقدس.

وفي كلمته خلال افتتاح المؤتمر، شدد الدكتور عامر الحافي، المستشار الأكاديمي في المعهد الملكي للدراسات الدينية، على أهمية الدراسات النقدية التي تعيد قراءة السرديات الاستعمارية حول تاريخ القدس، وتحرر العقل العربي من التبعية المعرفية الغربية التي طالما أثرت على فهمنا لتاريخنا وهويتنا.

وشهد اليوم الأول للمؤتمر ثلاث جلسات نقاشية، على أن يتضمن اليوم الثاني أربع جلسات أخرى، بمشاركة واسعة من باحثين وأكاديميين من الأردن وفلسطين والعالم العربي والإسلامي، إضافة إلى مشاركين من أوروبا وأميركا وكندا وشرق وجنوب شرق آسيا.

ويناقش المؤتمر سبل التعاون الأكاديمي بين المؤرخين والباحثين لإنتاج دراسات رصينة تعكس أهمية القدس، كما يركز على تعزيز دور البحث العلمي في دعم الحقوق الفلسطينية، وتحليل التحديات الراهنة والمستقبلية، بالإضافة إلى دراسة الأبعاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر في القدس، وتشجيع البحث في مجال الدراسات المقدسية.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى