انطلاق أعمال المؤتمر الثامن للسياحة العلاجية والاستشفائية في الأردن

مندوبًا عن جلالة الملك عبدالله الثاني، افتتح وزير الصحة الدكتور فراس الهواري، يوم الأربعاء، فعاليات المؤتمر الثامن للسياحة العلاجية والاستشفائية، الذي تنظمه مجموعة طلال أبو غزالة العالمية بالتعاون مع مؤسسة طريق الرواد.
وأكد الهواري، في كلمته خلال حفل الافتتاح، أن جلالة الملك يولي اهتمامًا خاصًا لقطاع السياحة العلاجية، باعتباره ركيزة أساسية لترسيخ مكانة الأردن كمركز متقدم في مجال الرعاية الصحية إقليميًا وعالميًا. ويأتي ذلك في إطار رؤية ملكية استراتيجية تستند إلى بنية تحتية طبية حديثة، وكوادر بشرية مؤهلة، ومنظومة صحية تتميز بالكفاءة والإنسانية، فضلًا عن مواقع استشفائية متنوعة.
وأشار إلى أن هذا الاهتمام يتجلى من خلال توجيهات جلالته المستمرة لتطوير القطاع الصحي وتعزيز التعاون الدولي فيه، مستشهدًا بالزيارة الرسمية التي أجراها جلالته إلى الجزائر في كانون الأول 2022، والتي شكلت محطة مهمة في مسيرة التعاون الصحي بين البلدين، ومهدت الطريق لتسهيل استقبال المرضى الجزائريين للعلاج في الأردن.
وبيّن الهواري أن الحكومة تبنت نهجًا إصلاحيًا واضحًا لتحفيز السياحة العلاجية، شمل تخفيف القيود المفروضة على بعض الجنسيات، وتكثيف اللقاءات مع ممثلي القطاعين الصحي والسياحي ضمن إطار تشاركي يسهم في تعزيز النمو والاستقطاب، إضافة إلى استئناف رحلات الطيران المباشرة مع ليبيا، بما يسهل تنقل المرضى ويدعم التبادل الصحي بين البلدين.
وأوضح أن الجهود المبذولة أثمرت عن اختيار منظمة السياحة العالمية للأردن، خلال مؤتمر عقد في البحر الميت قبل عامين، ليكون أول مركز إقليمي للسياحة العلاجية والاستشفائية، ما يشكل حافزًا لمواصلة التقدم والبناء على الإنجازات.
وفي سياق متصل، كشف الهواري عن إعداد الاستراتيجية الوطنية للسياحة العلاجية للأعوام 2025–2027، بالتعاون مع الشركاء الاستراتيجيين، والتي تركز على أربعة محاور رئيسية: الحوكمة، التسويق والترويج، تحفيز الاستثمار، ورفع جودة الخدمات. وأشار إلى أن الاستراتيجية ستُعرض قريبًا على مجلس الوزراء لإقرارها.
كما أعلن عن استعداد المملكة، بالتنسيق مع جامعة الدول العربية، لاستضافة اجتماع اللجنة الفنية المعنية بالسياحة العلاجية، بهدف إعداد استراتيجية عربية موحدة تعزز التكامل والتعاون في هذا القطاع الحيوي.
وفي خطوة عملية لتعزيز الشفافية، أشار الهواري إلى إعداد أكثر من 100 حزمة علاجية مسبقة التسعير لتلبية احتياجات المرضى الوافدين، إضافة إلى التحضير لإطلاق منصة إلكترونية موحدة تحت اسم “سلامتك”، وتنظيم قطاع الطب الاستشفائي من خلال نظام مؤسسي متكامل يُشرف على الانتهاء منه.
ولفت إلى التطور الكبير الذي يشهده القطاع الصحي الأردني، نتيجة الجهود المشتركة بين القطاعين العام والخاص، ما ساهم في تعزيز مكانة الأردن كمركز إقليمي متميز للسياحة العلاجية. وأوضح أن أعداد المرضى الوافدين تضاعفت من نحو 111 ألفًا عام 2020 إلى أكثر من 225 ألفًا في 2024، بزيادة تجاوزت 100%، مع توقعات بوصول العدد إلى 290 ألف مريض خلال العام الجاري، متجاوزًا بذلك الرقم المسجل في 2019.
من جانبها، أكدت وزيرة السياحة والآثار، لينا عناب، أن جائحة كورونا كانت نقطة تحول في إعادة ترتيب أولويات السياحة عالميًا، لافتة إلى العلاقة الوثيقة التي تربط السياحة بالصحة والطبيعة والاستشفاء. وقالت إن المسافر المعاصر بات يبحث عن تجارب متكاملة تعزز صحته الجسدية والنفسية والروحية، مشيرة إلى أن حجم سوق السياحة الاستشفائية قد يبلغ 1.4 تريليون دولار بحلول 2027، مما يعكس التوجه العالمي المتنامي نحو هذا النمط من السياحة.
وأضافت أن الأردن يمتلك مقومات قوية تؤهله لقيادة هذا التحول، من خلال إرثه الطبيعي والثقافي الغني، مثل البحر الميت، وينابيع ماعين، والحمة، ووادي رم، ومرتفعات الشمال، إضافة إلى نمط الحياة الصحي القائم على المنتجات المحلية والتواصل المجتمعي.
وأوضحت عناب أن وزارة السياحة أطلقت استراتيجية شاملة لتطوير السياحة الاستشفائية، تشمل حملات ترويجية، وتحديث البنية التحتية، وبناء تجارب متكاملة ترتكز على الطبيعة والمجتمع والغذاء، بهدف ترسيخ مكانة الأردن كوجهة استشفائية عالمية.
من جهته، أشار الدكتور طلال أبوغزالة إلى المستقبل الواعد للقطاع الطبي في الأردن، مؤكدًا أن المؤتمر يسلط الضوء على أبرز الفرص والتحديات التي تواجه هذا القطاع الحيوي، ومبرزًا دوره في دعم الاقتصاد الوطني وزيادة مساهمته في الناتج القومي.
وأشاد بالبنية التحتية الطبية المتميزة التي يتمتع بها الأردن، والكوادر الطبية الكفؤة في مختلف التخصصات، فضلًا عن توفر الأدوية والمستلزمات الطبية بمواصفات تضاهي الدول المتقدمة.
أما الرئيس التنفيذي لمؤسسة طريق الرواد ومؤسس المؤتمر، أيمن عريقات، فأكد أن المؤتمر يهدف إلى جمع الأطراف المعنية لتوقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم، بحضور صنّاع القرار المعنيين بإيفاد المرضى للعلاج بالخارج، إضافة إلى ممثلي شركات التأمين العربية والعالمية والقطاعات الصحية ذات الصلة، فضلًا عن السفراء والملحقين الصحيين في الأردن.
وخلال المؤتمر، استعرض المهندس صخر العجلوني، رئيس مجلس إدارة المجموعة الأردنية، رؤية تطوير منطقة البحر الميت كمركز إقليمي للسياحة الاستشفائية، مسلطًا الضوء على الخصائص الطبيعية الفريدة للمنطقة، مثل ارتفاع نسبة الأكسجين بنسبة 18% فوق المعدل العالمي، وغناها بالأملاح والمعادن العلاجية.
وأشار العجلوني إلى توفر فرص استثمارية واعدة في المنطقة، داعيًا إلى إنشاء منشآت استشفائية متخصصة، مستفيدين من التسهيلات والحوافز التي تقدمها المناطق التنموية، ومؤكدًا على أهمية تأهيل الكوادر الطبية لتقديم خدمات بجودة عالمية.
وعلى هامش المؤتمر، افتتح الوزير الهواري معرضًا متخصصًا بمشاركة عدد من المستشفيات الخاصة والحكومية، والشركات العاملة في الصناعات الدوائية والمعدات الطبية والتأمين والمختبرات، بالإضافة إلى مؤسسات مصرفية وإعلامية من داخل الأردن وخارجه.
وتضمّن المؤتمر جلسات نقاشية تناولت الاستثمار في القطاع الصحي، وآخر المستجدات التي تشهدها المملكة، والتي تعكس مستوى الخدمات المتقدمة التي يقدمها الأردن على الصعيدين الإقليمي والعالمي.