“ريم سات” إنجاز تكنولوجي فارق يضع الأردن على خارطة الفضاء العالمية

بوست نيوز :
في إنجاز أردني نوعي بمجال التكنولوجيا والبحث العلمي، نجح فريق من طلبة الجامعات الأردنية، بقيادة جامعة الحسين التقنية، في تطوير أول قمر صناعي طلابي أردني مصغر يحمل اسم “ريم سات”، بدعم مباشر من مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي (UNOOSA).
وانطلقت فكرة “ريم سات” عام 2023 حين قدمت الطالبة ديانا الجبور، منسقة المشروع وطالبة هندسة الطيران في جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، مقترحًا لتصميم قمر صناعي مكعب للمشاركة في مسابقة نظمها مكتب الأمم المتحدة. وقال الدكتور فراس جرار، المشرف على المشروع ورئيس قسم الهندسة الميكانيكية في جامعة الحسين التقنية، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن المقترح لاقى استجابة واسعة، حيث تمت دعوة طلبة من مختلف الجامعات الأردنية للمشاركة في برنامج تدريبي تضمن سلسلة محاضرات تقنية حول تصميم الأقمار الصناعية، نتج عنه اختيار فريق أساسي مكون من 17 طالبًا وطالبة أظهروا كفاءة عالية في هذا المجال.
وأشار جرار إلى أن جامعة الحسين التقنية تبنت المشروع منذ بدايته، وقدمت الدعم المالي واللوجستي الكامل، ما مكن الفريق من إعداد تقرير فني متكامل تضمن التصاميم والحسابات اللازمة، وقدمه لاحقًا إلى مكتب الأمم المتحدة، الذي اختار “ريم سات” ضمن الأقمار الصناعية التي ستطلق عبر منصة الإطلاق الألمانية (EXOpod) التابعة لشركة (Exolaunch).
وأوضح أن اسم “ريم سات” مستوحى من غزال الريم المهدد بالانقراض في البيئة الأردنية، ليحمل المشروع بُعدًا بيئيًا ورمزيًا يعكس هدفه في تتبع الحياة البرية عبر الفضاء، عبر توظيف تكنولوجيا الأقمار الصناعية في خدمة قضايا البيئة وتتبع الحيوانات المهددة بالانقراض في المناطق النائية بالمملكة باستخدام تقنيات اتصال لاسلكي منخفضة الطاقة وبعيدة المدى.
ويبلغ طول ضلع القمر الصناعي المكعب (1U CubeSat) نحو 10 سنتيمترات، ووزنه أقل من 2 كغم، ويضم أنظمة اتصال، ونظام طاقة شمسية، وحاسوبًا مدمجًا، ووحدة تحكم وتوجيه، ومستشعرات ميدانية، وسيعمل باستخدام تقنية (LoRa) اللاسلكية منخفضة الطاقة لجمع بيانات بحثية دقيقة يستفيد منها المختصون في علم البيئة والأحياء، كما سيدعم المشاريع البحثية داخل الجامعة خاصة في مجال الاتصالات وتحليل الأنظمة الفضائية.
وبيّن جرار أن الإطلاق المخطط له سيكون نهاية عام 2026 أو بداية 2027 من الولايات المتحدة الأميركية ضمن برنامج مكتب الأمم المتحدة باستخدام منصة (Exolaunch)، مع إمكانية تغير الموعد لأسباب تقنية أو لوجستية. وأضاف أن التواصل مع القمر سيتم عبر محطة الجمعية الملكية الأردنية لهواة الراديو، نظرا لعدم امتلاك الجامعة محطة أرضية مستقلة حاليا.
وأكد أن المشروع وفر تجربة تعليمية غنية للطلبة، شملت التدريب على تصميم الأنظمة الفضائية والحسابات الهندسية وتطوير البرمجيات والعمل التعاوني بين التخصصات، وألهمهم لتطوير مشاريع أخرى، من أبرزها مشروع (Project One Sat) الذي فاز بالمركز الأول في فئة الأمن والدفاع في المهرجان الوطني للتكنولوجيا بدعم من المركز الأردني للتصميم والتطوير.
وكشف جرار عن خطة جامعة الحسين التقنية لإنشاء مختبر وطني متخصص في تكنولوجيا الفضاء، ليكون مركزًا تدريبيًا وبحثيًا لإعداد كوادر وطنية مؤهلة لتنفيذ مشاريع فضائية مستقبلية.
وأشار إلى أن “ريم سات” يمثل رسالة أمل وفخر للشباب الأردني والعربي، مفادها أن الأفكار الطلابية يمكن أن تتحول إلى مشاريع واقعية إذا توفرت البيئة الداعمة والإرادة الجادة، خاصة أن الفضاء الخارجي بات متاحًا لمن يمتلكون تكنولوجيا الوصول إليه.
وكان مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي قد أعلن رسميًا اختيار مشروع “ريم سات” كأول مشروع طلابي أردني يحصل على دعم المكتب، بعد اختياره من بين 17 مقترحًا مقدما من مؤسسات تعليمية في 15 دولة حول العالم، معتبرًا ذلك محطة مفصلية في مسيرة الأردن نحو تعزيز حضوره في قطاع تكنولوجيا الفضاء.
ويضم فريق المشروع نخبة من الكفاءات الأكاديمية والطلابية بقيادة الدكتور فراس جرار، والمهندسة ندى الخطيب من قسم الهندسة الكهربائية كمشرفة مشاركة، والطالبة ديانا الجبور كمنسقة للمشروع، إلى جانب 12 طالبًا وطالبة من جامعة الحسين التقنية وجامعات أردنية أخرى، في إنجاز يكرّس جهود الجامعات الأردنية، وفي مقدمتها جامعة الحسين التقنية، لتعزيز التعليم التطبيقي وتمكين الشباب من المساهمة في الصناعات المستقبلية، خاصة قطاع الفضاء.