انطلاق مؤتمر “تطوير سياسات مستجيبة للمساواة بين الجنسين”

بوست نيوز :
في إطار جهوده المستمرة لدعم قضايا المرأة وتعزيز المساواة بين الجنسين، أكد رئيس مجلس الأعيان، فيصل الفايز، أن قضية تحقيق المساواة ما تزال محط نقاش وجدل واسع، وتحظى باهتمام محلي ودولي متزايد، رغم التقدم المحدود مقارنة مع الأهداف المنشودة.
جاء ذلك خلال افتتاحه لأعمال مؤتمر بعنوان “تطوير سياسات مستجيبة للمساواة بين الجنسين: التعاون الإقليمي لمعالجة التحديات المتعلقة بأنظمة اقتصاد الرعاية، وتغير المناخ، والمياه”، الذي يعقد بالتعاون بين لجنة العمل والتنمية الاجتماعية في مجلس الأعيان، واللجنة الوزارية لتمكين المرأة، ومؤسسة “Forward Thinking”.
وأشار الفايز إلى أن تمكين المرأة لا يقتصر على تعزيز تمثيلها العددي، بل يشمل دمجها الفعّال في جميع جوانب السياسات العامة وجهود التنمية، مشدداً على أن الأزمات والصراعات الإقليمية فاقمت من التحديات التي تواجه المرأة، وقلّصت من قدرتها على التأثير والمشاركة، رغم الجهود المبذولة لتمكينها اقتصادياً وسياسياً.
وأكد أن النهوض بدور المرأة يتطلب سياسات عادلة، خالية من التحيز والتمييز، تضمن بيئات عمل منصفة، وفرصاً اقتصادية متساوية، داعياً للاستفادة من إمكانيات النساء في القطاعات كافة، لتحقيق تنمية مستدامة لا يمكن بلوغها دون مشاركة حقيقية لهن.
كما أثنى على التحولات التي شهدها الأردن في تمكين المرأة، مؤكداً أن هذه المكاسب جاءت بفضل دعم ورؤية جلالة الملك عبدالله الثاني، والتشريعات الدستورية والقانونية الضامنة لحقوق المرأة.
من جهتها، أكدت وزيرة التنمية الاجتماعية ورئيسة اللجنة الوزارية لتمكين المرأة، وفاء بني مصطفى، أن اقتصاد الرعاية بات محوراً رئيسياً لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، مشيرة إلى خطوات ملموسة اتخذتها الحكومة، مثل إقرار أنظمة جديدة لترخيص الحضانات، وتسهيل إنشاء المزيد منها في مختلف أنحاء المملكة.
وأوضحت أن بناء اقتصاد رعاية متوازن يتطلب إرادة سياسية واستراتيجيات مستدامة، وجهوداً مجتمعية لإعادة تشكيل الأدوار التقليدية للنساء والرجال، مع تأكيد دور الوزارة في دعم الفئات الأكثر حاجة، وتمكين ذوي الإعاقة، وكبار السن، والنساء.
وسلطت بني مصطفى الضوء على تشريعات متقدمة أقرها الأردن، مثل قانون العمل والضمان الاجتماعي، وقانون الطفل، ونظام العمل المرن، إلى جانب إصدار نظام مزاولة مهنة العمل الاجتماعي لتأهيل مقدمي الرعاية.
بدوره، شدد رئيس لجنة العمل والتنمية الاجتماعية في مجلس الأعيان، عيسى حيدر مراد، على أن المساواة بين الجنسين ليست فقط قيمة أخلاقية، بل ضرورة لتحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، مؤكداً أن اقتصاد الرعاية أساس لصمود المجتمعات، وليس ترفاً اجتماعياً.
وأضاف أن تحديات تغير المناخ وشح المياه تتطلب استجابات جماعية عابرة للحدود، مشيراً إلى أهمية الخطة الوطنية للمساواة بين الجنسين (2022–2025) في دعم إدماج المرأة في سوق العمل، ومواقع القيادة، لافتاً إلى أن النساء يشكلن 49% من العاملين في القطاع العام.
واقترح مراد إنشاء مرصد إقليمي لاقتصاد الرعاية، وإطلاق برامج تدريب للنساء والشباب، وتأسيس صندوق تضامن مناخي ومائي، إلى جانب تبني سياسات رعاية خضراء تراعي النوع الاجتماعي.
من ناحيتها، أكدت المهندسة مها علي، الأمينة العامة للجنة الوطنية لشؤون المرأة، أهمية تحويل اقتصاد الرعاية غير الرسمي إلى اقتصاد منظم يضمن جودة الخدمات وحماية العاملات، مشددة على أن توفير خدمات الرعاية يسهم في تعزيز مشاركة المرأة الاقتصادية وتخفيف الأعباء الأسرية عنها.
أما النائب معتز أبو رمان، رئيس لجنة العمل والتنمية الاجتماعية والسكان في مجلس النواب، فأكد أن المؤتمر يناقش قضايا جوهرية تتعلق بالعدالة الاجتماعية وتمكين المرأة من خلال اقتصاد الرعاية، مشيراً إلى أهمية توفير بنية تحتية شاملة لأنظمة الرعاية لتمكين الجميع من المشاركة الاقتصادية الفاعلة.
وشدد على أن اقتصاد الرعاية هو عماد الاقتصاد المزدهر والمجتمع العادل، داعياً إلى تنظيمه وتمويله بشكل مستدام.
بدورها، أكدت مديرة شبكة “نساء من أجل مستقبل مستدام”، سيسيلي بيليس، أن السياسات الرعائية لا بد أن تنطلق من احتياجات النساء الحقيقية، مشيدة بتجربة الأردن في دعم التمكين الاقتصادي للمرأة، لافتة إلى أن تعزيز رعاية الأطفال قد يسهم في نمو الاقتصاد العالمي بـ3.4 تريليون دولار بحلول 2030، وإضافة 116 مليون امرأة إلى سوق العمل.
كما ناقش المؤتمر في جلسته الأولى أثر سياسات الرعاية على التنمية الاقتصادية وتمكين المرأة، وشاركت فيها شخصيات سياسية ووطنية، بينها الدكتورة هيفاء أبو غزالة، والعين خولة العرموطي، والنائب أروى الزبون، وأمين عام وزارة التنمية برق الضمور، والعين آسيا ياغي.
في حين تناولت الجلسة الثانية دور المؤسسات الوطنية والدولية والمجتمع المدني في دعم اقتصاد الرعاية، بمشاركة خبراء من منظمة العمل الدولية، البنك الدولي، المجلس الوطني لشؤون الأسرة، ومؤسسة “صداقة”، إلى جانب مداخلات من معهد الأصفري في الجامعة الأميركية ببيروت.
يأتي المؤتمر في سياق الجهود الوطنية والإقليمية لتعزيز المساواة بين الجنسين، وتبني سياسات مستجيبة للتحديات التي تواجه النساء، مع التركيز على اقتصاد الرعاية كأداة استراتيجية لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة، تراعي البعد الاجتماعي، والبيئي، والاقتصادي في آنٍ واحد.