اليوم افتتاح مهيب لمهرجان جرش 39: عبق الماضي يلتقي برؤية المستقبل في احتفال ملكي يليق بالأردن بدران محمد بدران

بوست نيوز :-
في ليلة لا تُنسى، وبحضور رسمي وشعبي مهيب، افتتح مهرجان جرش للثقافة والفنون بدورته التاسعة والثلاثين، برعاية ملكية سامية، جسّدت عمق الاهتمام بالثقافة والفنون كركيزة من ركائز الهوية الوطنية والتنمية المستدامة. وقد أنار شعلة المهرجان رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان ، في مشهد يختزل التاريخ والعراقة والانتماء، ويفتح أبواب المستقبل الرحب للفن والثقافة الأردنية.
مشهد افتتاحي ملهم: عندما يتعانق الماضي مع التكنولوجيا
تميز افتتاح هذا العام بمشهد إبداعي فني غير مسبوق، جاء نتيجة دمج بارع بين عبق الماضي وملامح الحاضر المتطور، ضمن رؤية هندسية وفنية أبدعتها إدارة المهرجان بقيادة الأستاذ أيمن سماوي، حيث ارتقت بفكرة الافتتاح إلى مستوى فني بصري عالمي، مزجت فيه الرموز التاريخية الأردنية مع تقنيات الذكاء الاصطناعي والإضاءة ثلاثية الأبعاد (3D Mapping) والصوت الديناميكي، لتجسيد الهوية الأردنية في لوحة متكاملة.
وقد بدا العرض الافتتاحي وكأنه رواية متحركة تحكي قصة الأردن، من حضاراته المتعاقبة إلى رؤيته المستقبلية، بتناغم تام بين التراث والفكر المعاصر، ما أسهم في خلق لحظة وجدانية وإنسانية مشتركة بين الحضور، وترك انطباعًا عميقًا بأن جرش لم تعد فقط مدينة التاريخ، بل أصبحت منصة للمستقبل.
تجسيد فني ملكي عبر طائرات الدرون والتقنيات الحديثة
ولأول مرة في تاريخ المهرجان، تم استخدام أنظمة طائرات الدرون الذكية في العرض الافتتاحي، حيث حلّقت مئات الطائرات بتقنية متقدمة لتشكّل في سماء جرش لوحات فنية مذهلة، أبرزها تجسيد صورة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، إلى جانب رموز وطنية مثل العلم الأردني، وعبارات الولاء والانتماء، وصور تعكس جمال المدينة الأثرية وروح الحضارة الأردنية.
هذا التجسيد الفني المتناغم مع الموسيقى والإضاءة خلق لحظة بصرية لا تتكرر، عبّرت عن وحدة القيادة والشعب، وعن ارتباط المهرجان بالهوية الوطنية وبالعهد الهاشمي الميمون، في رسالة فنية مؤثرة تجمع بين الولاء والابتكار.
تجسيد ملكي فني: الفن رسالة وهوية
لم يكن الحضور الملكي في الافتتاح مجرد تمثيل بروتوكولي، بل شكل بُعدًا رمزيًا لاحتضان الدولة الأردنية بقيادتها الحكيمة للفن الأصيل، وللتأكيد على دور الثقافة في بناء الإنسان ورفع مكانة الأردن على خارطة الفن العربي والدولي. وقد بدا واضحًا كيف جسّد الافتتاح تلك الرؤية الملكية في دعم الإبداع وتعزيز الفضاء الثقافي، من خلال عروض تلامس القلب والعقل، وتعكس مدى احترافية التخطيط والتنفيذ.
انتقاء فني دقيق: بين المسرح والفلكلور والحضارة
جاءت العروض المنتقاة لهذا العام مزيجًا متوازنًا من الفن المسرحي، والغناء الفلكلوري، والعروض الحضارية والمستقبلية، ما منح المهرجان طابعًا شاملًا ومتعدد الثقافات. فقد حرصت إدارة المهرجان على تقديم محتوى غني، يليق بالجمهور المحلي والعربي والعالمي، من خلال برامج تتوزع بين الشعر والموسيقى والغناء الأصيل، والعروض المسرحية التي تحاكي قضايا الإنسان المعاصر، إلى جانب فعاليات تعكس التراث الأردني بكل ألوانه.
وتجلّت هذه الرؤية من خلال استضافة فرق عربية وعالمية، وبرامج فنية للأطفال والشباب، ومعارض الحرف اليدوية والكتب، في رسالة واضحة أن مهرجان جرش ليس فقط احتفالًا فنيًا، بل هو مهرجان للتنمية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية المستدامة.
أيمن سماوي… قائد التحول الفني
بحكمة فنية واحترافية عالية، قاد الأستاذ أيمن سماوي دفة المهرجان ليصل إلى هذه القمة من التميز، حيث استطاع أن يحوّل مهرجان جرش من فعالية فنية إلى مشروع وطني متكامل، يجمع ما بين الرؤية الإبداعية، والبعد الحضاري، والاستثمار الثقافي، والتقنيات الحديثة.
وقد أبدع سماوي في تقديم جرش هذه السنة بصورة تتجاوز التوقعات، سواء من حيث البنية التنظيمية أو التكوين الفني العام، وصولًا إلى تنوع البرامج وعمق رسالتها، ما جعل الافتتاح نموذجًا يُحتذى به في المهرجانات العربية والدولية.
أثبت مهرجان جرش للثقافة والفنون في دورته الـ39 أن الأردن، برعاية قيادته الهاشمية، ووعي نخبه الثقافية، وعشق شعبه للفن، قادر على إعادة تعريف المهرجان كمحفل حضاري عالمي، يجسد فيه الفن رسالة محبة وسلام وهوية وطنية متجددة.