عربي ودولي

الملك يقود جهودا دبلوماسية لتعزيز الاعتراف بالدولة الفلسطينية

بوست نيوز : 

يواصل جلالة الملك عبدالله الثاني قيادة جهود دبلوماسية نشطة ومؤثرة، تهدف إلى تعزيز الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، في ظل تسارع التطورات المرتبطة بالقضية الفلسطينية على الساحة العالمية.

وتعتمد هذه الجهود، وفق مختصين في الشأن السياسي، على المكانة الرفيعة التي يتمتع بها جلالته في الأوساط الدولية، وعلى مصداقيته العالية التي عززت من قدرة الأردن على أداء دور استراتيجي فاعل في توجيه السياسات الدولية نحو دعم حل الدولتين.

وأكد مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، الدكتور حسن المومني، في تصريح لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن جلالة الملك يضطلع بدور محوري في حشد التأييد الدولي للاعتراف بفلسطين، مستنداً إلى علاقات الأردن الوثيقة مع دول أوروبية كبرى مثل ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة، بالإضافة إلى شراكته المؤسسية مع الاتحاد الأوروبي.

وأشار المومني إلى أن هذه العلاقات، التي تأسست على قواعد استراتيجية متينة، مكنت جلالة الملك من توظيف الرصيد الدبلوماسي الأردني للدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على أرضه.

وأضاف أن القضية الفلسطينية تتصدر أجندة جلالة الملك في مختلف زياراته الدولية، ولا سيما إلى دول ذات ثقل سياسي كإيطاليا وألمانيا وفرنسا وبلجيكا والمملكة المتحدة، إلى جانب زياراته المتكررة إلى الولايات المتحدة وكندا.

وأوضح أن خطاب جلالة الملك أمام البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ كان محطة فارقة، إذ لقي صدى إيجابياً كبيراً في الأوساط الأوروبية، وساهم في تعزيز الدعم السياسي والشعبي لفكرة الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

كما لفت إلى أن جولة جلالته الأخيرة، التي اختتمها بلقاء المستشار الألماني فريدريش ميرتس في برلين، جاءت في سياق دبلوماسي دقيق وأسهمت في دفع عدد من الدول الأوروبية نحو الاعتراف الرسمي بفلسطين، وهو تتويج لمسار سياسي يقوده جلالته منذ سنوات ويستند إلى إحياء حل الدولتين كخيار وحيد لتحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة.

وأوضح المومني أن الرسائل السياسية التي طرحها جلالة الملك خلال لقاءاته مع القادة الأوروبيين أكدت على ضرورة أن تلعب أوروبا دوراً فعالاً في إنهاء الاحتلال ودعم الحقوق الفلسطينية، وقد لاقت هذه الرسائل قبولاً واسعاً بفضل مصداقية جلالته وحكمته السياسية المعهودة.

وفي السياق ذاته، اعتبر المومني أن التوجه الأوروبي المتنامي نحو الاعتراف بفلسطين يمثل تحولاً سياسياً وقانونياً مهماً، يعكس دعماً دولياً متزايداً لحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم، ويعزز من السردية القانونية للمطالب الفلسطينية، مشيراً إلى أن دولاً كفرنسا وبريطانيا بدأت تعيد النظر في مواقفها التقليدية، مما يفتح المجال أمام موجة اعترافات إضافية قريباً.

وأضاف أن الاعتراف الدولي بفلسطين تجاوز إطار المبادرات الرمزية وأصبح اليوم مطلباً سياسياً وقانونياً يفرض نفسه على أجندة النظام الدولي، ما يدفع العديد من الدول المترددة إلى مراجعة مواقفها في ضوء التغيرات الجارية.

من جانبه، أكد أستاذ الدراسات الاستراتيجية في جامعة الحسين بن طلال، الدكتور حسن الدعجة، أن التحركات التي قادها جلالة الملك لعبت دوراً حاسماً في تهيئة المناخ السياسي لهذا التحول الدولي، لافتاً إلى أن لقاءاته مع قادة العالم لم تكن بروتوكولية، بل حملت رسائل سياسية واضحة تدعو إلى إنهاء الاحتلال وتثبيت حل الدولتين كخيار عادل ومستدام.

وأشار الدعجة إلى أن الاعتراف الأوروبي يشكل ضغطاً إضافياً على الحكومة الإسرائيلية المتشددة، التي ترفض التفاوض وتواصل فرض الأمر الواقع من خلال الاستيطان وتهويد القدس.

وبيّن أن الاعتراف يستند إلى مرجعيات قانونية دولية، من أبرزها قرارات مجلس الأمن الدولي (242 و338) وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة (67/19)، ما يمنحه شرعية قانونية قوية ويُضعف الحجج التي تبرر استمرار الاحتلال.

وتوقع الدعجة اتساع رقعة الاعتراف الدولي خلال الفترة المقبلة، بدخول دول من أوروبا وآسيا وأميركا اللاتينية على الخط.

بدوره، قال أستاذ القانون الدولي الدكتور خالد خويلة، إن الجهود الأردنية بقيادة جلالة الملك تنطلق من قواعد قانونية راسخة، وتتكامل مع المسار السياسي لتعزيز شرعية المطالب الفلسطينية.

وأوضح أن القانون الدولي، والمواثيق الدولية وعلى رأسها “العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية” لعام 1966، يؤكد على حق الشعوب في تقرير مصيرها، مشيراً إلى أن اتفاقية جنيف الرابعة تجرّم الاستيطان ونقل السكان، وتعتبرهما جرائم حرب، وأن الأردن كان له دور كبير في توثيق هذه الانتهاكات ورفعها للمحكمة الجنائية الدولية ضمن إطار قانوني متكامل.

كما أشار إلى أن مواقف المنظمات الإقليمية والدولية، مثل جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأوروبي، تتقاطع جميعها مع الطرح الأردني الداعي إلى إنهاء الاحتلال، لافتاً إلى أن الأردن، ومن منطلق وصايته الهاشمية على المقدسات في القدس، يضطلع بدور حاسم في الدفاع عن المدينة ومكانتها، ويحظى هذا الدور بدعم عربي ودولي واسع.

وأوضح خويلة أن الأردن كان من أوائل الدول التي اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني خلال قمة الرباط عام 1974، كما بادر إلى فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية عام 1988، ما مهد الطريق أمام إعلان استقلال دولة فلسطين وحصولها على اعتراف دولي واسع.

وختم بالتأكيد على أن الاعتراف الأوروبي الأخير لا يأتي في فراغ، بل يمثل امتداداً لتراكم المواقف الدولية، ويشكل فرصة تاريخية يجب البناء عليها لتوسيع دائرة الاعترافات الدولية، وتحويل التأييد السياسي إلى التزامات قانونية تضمن للفلسطينيين حقهم في إقامة دولتهم المستقلة وفق قرارات الشرعية الدولية.

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى