الجلسة الموازيّة 4.. تتناول أسئلة النقابات لتنظيم المهنة أم الحماية و”ترند” هل هو على حساب المصداقيّة ومستقبل الصحافة الخليجيّة الصحافة الخليجيّة تواجه صعوبة في المواكبة منصات التواصل الاجتماعي والترندات على حساب المصداقيّة والثقة النقابات ما يزال دورها يتأرجح بين أسئلة تنظيم المهنة أم حماية الصحفيين

بوست نيوز :-
انطلقت عقب الجلسة الافتتاحية، فعاليات الملتقى من خلال جلسات موازية ناقشت محاور حيوية تمس واقع المهنة وتحدياتها؛ حيث تناولت إحداها مستقبل الصحافة الخليجيّة، فيما ركزت جلسة أخرى على النقابات بين التنظيم وحماية الصحفيين، كما خُصصت جلسة للحديث عن منصات التواصل الاجتماعي.
الصحافة الخليجيّة تواجه صعوبة في المواكبة
وعقدت جلسة بعنوان “مستقبل الصحافة الخليجية: أسئلة التمكين والاستقلالية والتحولات الرقمية”، شارك فيها المستشار في جريدة القبس داهم القحطاني ومقدمة البرامج في قناة الحدث تهاني الجهني و الكاتبة الصحفية وصانعة المحتوى ريم خلف، وأدارتها قادسية الضمور.
وأكد المستشار في جريدة القبس داهم القحطاني أن الصحافة العربية تواجه صعوبة في مواكبة السوق وفهم متطلباته حتى تتطور عكس ما يحدث في الإعلام الغربي، مشيرًا إلى أن المشكلات الرئيسية تكمن في عدم إعطاء المشاريع الإعلامية حقها وعدم تسويقها إلكترونيًا، وأن الصحف إما أن تواكب التقدم أو تواجه خطر الانتهاء.
وأوضح بما يخص خطر مواقع التواصل الاجتماعي على الإعلام أن هناك فرقًا كبيرًا بين الكتالوج و”الحكاواتي” والصحافي، وصانع المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي، وأن العمل في الصحافة خطر ودقيق ويحتاج لتنظيم وترخيص من الدولة، وليس أي صانع محتوى بإمكانه أن يتقن كيف يمارس المهنة، حيث يمكن أن يؤدي عدم التنظيم إلى مشاكل عند نقل الأحداث.
وأشارت مقدمة البرامج في قناة الحدث تهاني الجهني إلى الدور المهم للإعلام الخليجي في ظل التغيرات الجيوسياسية، لافتةً إلى أن الصحف في دول الخليج بدأت تتحول إلى المنصات الرقمية مثل صحيفة عكاظ التي تقدم محتوى رقميًا وتواكب التطور.
وقالت إن رؤية السعودية 2030 تطلب من الإعلام خدمتها داخليًا وخارجيًا، كما أشارت إلى أن المرأة في السعودية تعيش أفضل فترات التمكين في بعض المجالات، غير أنها ما تزال تواجه تحديات في الإعلام بعض الأحيان، مشددة على أن مواقع التواصل الاجتماعي تحتاج إلى تنظيم.
وركزت الكاتبة الصحفية وصانعة المحتوى ريم خلف على أن الجمهور في الوقت الحالي يفضلون المشاهدة والاستماع على القراءة، وأن الفيديو أصبح الوسيلة الرئيسية لنقل الأخبار، فيما تشكّل مواقع التواصل الاجتماعي بديلًا لإيصال أصوات المواطنين، خاصة في بعض الدول التي تحد من حرية التعبير.
وأضافت أن الحاجة للترفيه جعلت مواقع التواصل الاجتماعي أكثر حضورًا في منطقتنا العربية، وأن التحدي القادم يكمن في كيفية توظيف الذكاء الاصطناعي بشكل فعال في الإعلام، فهو التحدي الأخطر الذي يواجه العمل الإعلامي.
منصات التواصل الاجتماعي والترندات على حساب المصداقيّة والثقة
وفي جلسة أُخرى بعنوان “منصات التواصل الاجتماعي … الترند على حساب المصادقية” بمشاركة مديرة الأول محتوى في شبكة اغسطس الاعلامية كاسي فيتزجيرالد، ومدير الاعلام الرقمي في قناة المملكة أحمد حيمور، وإدارة رايا اليعقوب.
خلال مداخلتها، تناولت مديرة الأول محتوى في شبكة اغسطس الاعلامية كاسي فيتزجيرالد قضية انتشار الأخبار المضللة عبر المنصات الرقمية، مؤكدة أن ما يُعرف بـ “الترند” لا ينشأ تلقائيًا، بل يتم صناعته والترويج له عبر عمليات منظمة وأدوات دقيقة.
وأشارت إلى أن الجمهور غالبًا ما ينجذب إلى ما يستهويه من محتوى، غير أن النقاشات العامة أصبحت تُوجَّه بشكل ممنهج، الأمر الذي يفرض تحديات كبيرة على المؤسسات الإعلامية في التمييز بين الحقيقي والموجَّه.
وأضافت أن المطلوب اليوم هو رفع مستوى وعي المستخدمين، مستشهدة بقدرات أدوات الذكاء الاصطناعي مثل “شات جي بي تي” في تحليل النصوص ورسائل البريد الإلكتروني والتمييز بين الحقيقي والمضلل. مبينةً أن الخطر يتضاعف مع سهولة وقوع كبار السن، فضلًا عن الأطفال واليافعين، ضحايا لتصديق هذه المضامين.
من جانبه، أوضح مدير الاعلام الرقمي في قناة المملكة أحمد حيمور أن الترندات الإعلامية لم تعد انعكاسًا طبيعيًا لاهتمامات الجمهور، بل تحولت إلى أدوات تتحكم بمحتوى الأخبار وانتشارها. لافتًا إلى أن المال لا يصنع علامة إعلامية حقيقية، بل يقتصر دوره على تعزيز الانتشار، موضحًا الفرق بين الاستثمار في المصداقية الشاملة وبين خلق مظهر إعلامي زائف. وأكد أن أي محتوى رائج قد يكون مدفوعًا بتوجيهات معينة، سواء من أدوات رقمية أو من جهات رسمية، ما يستدعي من الصحفيين التحقق المستمر قبل الانجرار وراء الموضوعات المشبوهة.
وشدد على أن الذكاء الرقمي والوعي الإعلامي أصبحا ضرورة لكل مستخدم وصحفي، مشيرًا إلى أن التحقق من النصوص أو الفيديوهات بات ممكنًا عبر أدوات بسيطة تكشف التضليل. محذرًا من خطورة اعتماد الجمهور على منصات التواصل الاجتماعي كمصدر وحيد للأخبار، إذ تُظهر الدراسات أن 45.6% من الأردنيين يعتمدون عليها لمتابعة الأخبار، في حين أن 50% منهم لا يصدقون ما يُنشر عبرها.
ودعا منصور المؤسسات الإعلامية إلى تكريس جهودها لتعزيز المصداقية وتقديم محتوى موثوق يضع الجمهور في صميم العملية الإعلامية، مشددًا على أن الترندات لا ينبغي أن تتحكم بأولويات غرف الأخبار، بل يجب أن يظل التركيز على إنتاج محتوى حقيقي يعكس الواقع بدقة ويعزز ثقة المتلقي.
النقابات بين التنظيم وحماية الصحفيين
وفي جلسة “النقابات بين التنظيم وحماية الصحفيين.. إخفاق أم قصة نجاح؟”، التي شارك فيها نقيب الصحفيين في كردستان آزاد الشيخ يونس ورئيسة اتحاد الصحفيين والصحفيات في لبنان إلسي مفرّج، و مؤسس مركز حماية وحرية الصحفيين في الأردن نضال منصور، وأدارت الجلسة الإعلامية رفاه جواد، وافتتح النقاش بسؤال حول ما إذا كان نجاح النقابات أمرًا محسومًا أم نسبيًا، ليجمع المتحدثون على أنه نسبي ويختلف باختلاف التجارب.
واستعرضت إلسي مفرج تجربة النقابة البديلة في لبنان التي نشأت بعد الحرب اللبنانية، مشيرة إلى أن الحكومات حينها سعت إلى تفتيت النقابات أو احتوائها، ما أدى إلى ضعفها وعجزها عن حماية الصحفيين.
وأوضحت أن الحماية يجب أن تكون شاملة، بدءًا من إصدار قوانين تكفل الحقوق، مرورًا بالتصدي للتوقيف الاحتياطي والاعتداءات والتحرش، وصولًا إلى ضمان الأمان الوظيفي. ولفتت إلى أن اتحاد الصحفيين والصحفيات في لبنان وثّق خلال العامين الماضيين استهداف ستة صحفيين لبنانيين من قبل قوات الاحتلال، مؤكدة أن المحاسبة والتوثيق من صميم دور النقابات.
من جهته، شدد آزاد الشيخ يونس على خصوصية كل تجربة نقابية، موضحًا أن نقابة الصحفيين في كردستان تضم نحو 6000 عضو وعضوة من مختلف التخصصات الإعلامية، بما في ذلك صانعي المحتوى، وتتمتع باستقلالية.
وأكد ضرورة استبدال العقوبات السالبة للحرية بالغرامات، مشيرًا في الوقت ذاته إلى إشكالية تعريف الصحفي في ظل توسع منصات التواصل الاجتماعي وغياب تشريعات واضحة تنظمها. ورأى أن الصحفي المهني هو من يعتاش من الصحافة ويمارسها بمسؤولية ومهنية.
أما نضال منصور، فأشار إلى أن تقييد حرية الصحفيين غالبًا ما يرتبط باستبداد السلطة ورغبتها بالسيطرة، بيد أنه أكد وجود نماذج متقدمة في العالم. ورأى أن تعريف الصحفي لا يجب أن يشغل النقابات بقدر ما يجب أن ينصب تركيزها على حماية الصحفيين والدفاع عن حقوقهم، مذكرًا بأن المؤسسات الدولية تعتبر أنَّ الصحفي هو كل من ينقل المعلومات بشكل منتظم للجمهور.
وفي مداخلة لنقيب الصحفيين المصريين خالد البلشي، أكد أن التعريف يجب أن يبنى على المحتوى، وأن دور النقابات هو الحماية والدفاع عن البيئة العامة للعمل الصحفي. بينما شددت مفرج على أهمية التضامن بين النقابات، معتبرة أن الأساس هو خدمة المنتسبين في كل بلد، لكن التضامن مع النقابات الأخرى يظل ضرورة، خاصة في ظل ما يواجهه الصحفيون في فلسطين.
من جانبه، أوضح الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين أنطوني بيلانجي أن هناك معايير دولية ثابتة لتعريف الصحفيين، إلا أن بعض الدول لا تزال تحصره في العاملين بالمؤسسات الإعلامية فقط، وهو ما يخلق إشكالات خاصة مع الصحفيين المستقلين أو العاملين مع مؤسسات دولية.
أما نقيب الصحفيين التونسيين زياد دبار، فأكد خصوصية التجربة التونسية في الدفاع عن الحريات، منتقدًا وجود قوانين تتيح حبس الصحفيين في بعض الدول. ودعا إلى أن يكون الصحفيون أنفسهم شركاء في صياغة القوانين الناظمة لمهنتهم وتحديد شروط الانتساب للنقابات. كما لفت إلى تشابه قوانين الجرائم الإلكترونية في الوطن العربي، والتي أُقرت في أغلبها عقب اجتماعات وزراء الداخلية العرب.
واختتمت الجلسة بمداخلات من الحضور ركزت على أهمية إعادة تعريف الصحفي، وإيجاد إطار قانوني يحمي الصحفيين المستقلين، إلى جانب ضرورة تحديث التشريعات بما يواكب التطور التقني السريع في الإعلام.
وبدأت فعاليات الملتقى في دورته الثالثة بمشاركة أكثر من 750 إعلاميًا وإعلامية وناشطًا وصانع محتوى وخبيرًا إلى جانب ممثلين عن مؤسسات دولية من مختلف أنحاء العالم.
الملتقى الذي أطلقه مركز حماية وحرية الصحفيين قبل عامين، يطرح هذا العام عبر جلساته الممتدة على مدار يومين قضايا محورية تتعلق بحماية الصحفيين وواقع الحريات الإعلامية، إلى جانب التحديات التي تواجه المهنة في ظل النزاعات والأزمات. كما يناقش سبل بناء القدرات والاحتراف المهني في زمن أصبحت فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي جزءًا رئيسيًا من صناعة الإعلام، فضلًا عن قراءة تحولات المشهد السياسي في المنطقة وانعكاساتها على الساحة الإعلامية.