شريط الاخبار

اليوم الثاني الجلسات الموازية الثانية.. عن خطاب الكراهيّة وحماية الصحفيين والعدالة المناخيّة منصة “إكس” تسجل ثلاثة ملايين بلاغ كراهية وعنف في 6 أشهر حماية الصحفيين لا تنفصل عن غزة العدالة المناخية تتطلب تحركا واضحا ومسؤولا

بوست نيوز :-

 

 

شهد اليوم الثاني من ملتقى مستقبل الإعلام والاتصال جلسات موازية ألقت الضوء على تقاطعات بين الإعلام والتحولات العالمية، فقد ناقشت الجلسات دور الإعلام في خدمة العدالة المناخية، وتساءلت عمّا إذا كانت حماية الصحفيين ما تزال ممكنة في ظل التحديات المتصاعدة، كما طرحت تساؤلاتٍ حول تحوّل بعض الأدوات الرقمية إلى منصات تُغذّي التطرف وخطاب الكراهية.

بين خطاب الكراهيّة وحريّة التعبير
ناقشت جلسة بعنوان “الأدوات الرقمية مصدرة للتطرف وخطاب الكراهية.. الواقع وآليات المواجهة” خطاب الكراهية وأشكاله وكيفية محاربتها في الفضاء الرقمي والفرق بينه وبين حرية التعبير، وشارك فيها المستشارة الاستراتيجية لقناة الغد دانة الصياغ والرئيس السابق لجمعية الصحفيين الإماراتية محمد الحمادي، ويسّرتها الإعلامية ربى زيدان.
وأكدت الصياغ أن الإشكالية لا تكمن في جدوى محاربة خطاب الكراهية بقدر ما تتعلق بالجهة التي تتولى هذه المواجهة، معتبرة أن ساسةً كُثُر يوظفونه لخدمة أهدافهم، ما جعله ظاهرة عالمية.
وأشارت إلى أن هذا الخطاب تم تطبيعه في المجال السياسي وأصبح أداة بيد الحكومات، في ظل تراجع القيم المشتركة والبعد الإنساني في الخطاب العام، ما جعل النقاشات تنحصر في حجرات صدى رقمية.
وشددت على أن الفاصل بين خطاب الكراهية وحرية التعبير ضيق، وأن الإشكال لا يكمن في وجود التعريفات المتعددة بل في غياب تشريعات واضحة وأرضية مشتركة تحد من انتشاره. ورأت أن إغلاق التعليقات على المنصات الرقمية ليس حلاً، لأن هذه المساحات تمثل مجالاً للحوار، وأن المطلوب هو امتلاك أدوات الحجة وتعزيز ثقافة الحوار بدل الإقصاء.
كما لفتت الصياغ إلى أهمية الذكاء الاصطناعي ودور اللغة العربية في تعزيز حضور المنطقة في هذا المجال، مؤكدة أن ضعف المدخلات بالعربية ينعكس على محدودية النتائج. وأوضحت أن خطاب الكراهية دخيل على المجتمعات العربية، وأن مفردات مثل “العنصرية” لم تكن جزءاً من ثقافتنا في الماضي، داعية إلى العودة إلى القيم الجذرية وتعزيز الاعتزاز بالهوية الوطنية، وهو ما يظهر في مظاهر الانتماء لدى الجيل الجديد، والذي ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في تعزيزه.
ورأت أن التعليم أساس للتعامل مع الفضاء الرقمي؛ إذ يجب أن تكون حرية التعبير أداة للاختلاف في الرأي لا للتحريض، ما يستدعي وضع تشريعات ومفاهيم وقيم تضمن أن يبقى الفضاء الرقمي مساحة للتعبير لا لنشر الكراهية. كما شددت على أن للمؤسسات الإعلامية دورًا محوريًا في محاربة هذا الخطاب.
من جهته، استعرض الحمادي أرقامًا تظهر حجم المشكلة، مشيراً إلى تقرير لليونسكو أفاد بأن 67% من المستخدمين تعرضوا لشكل من أشكال خطاب الكراهية أو العنف، فيما سجلت منصة “إكس” ثلاثة ملايين بلاغ خلال ستة أشهر فقط. وأوضح أن الفارق بين حرية التعبير وخطاب الكراهية دقيق جداً، إذ تنتهي الحرية عندما تتحول إلى تهديد أو إساءة للآخر.
وأشار إلى أن التشريعات الخاصة بالنشر الإلكتروني تحولت في كثير من الأحيان إلى قيود أكثر من كونها أدوات تنظيم، لافتًا إلى أن حرية التعبير تواجه معضلة عالمية لا تقتصر على الشرق بل تشمل الغرب أيضاً. وأكد أن الأجيال الجديدة ترفض القيود الصارمة على وسائل التواصل، ما يستدعي تنظيماً مرناً يراعي واقعهم الرقمي.
كما دعا الحمادي إلى تطوير التشريعات والوعي في التعامل مع العالم الرقمي، مؤكداً ضرورة إدماج التربية الإعلامية بشكل أوسع لمواجهة خطاب الكراهية والأخبار المضللة. وشدد على أهمية إعداد الأطفال للتعامل مع الذكاء الاصطناعي الذي أصبح جزءاً من المستقبل، محذراً من أن المنطقة العربية باتت مستهدفة بحملات تنشر خطاب الكراهية وتعيد إنتاجه داخل مجتمعاتها.
ورأى الحمادي أن مواجهة الظاهرة تبدأ بالاعتراف بوجودها وتحديد الجهات التي ترعاها، إلى جانب رفع الوعي وسن تشريعات تحد من منابعها. وبيّن أن التنشئة السليمة للأطفال تمنحهم مناعة في التعامل مع الكراهية، داعياً إلى تعزيز الخطاب الإيجابي كأداة لمواجهة بيئة رقمية مشبعة بالتوتر والعداء.

حماية الصحفيين
وانعقدت جلسة حوارية بعنوان “هل ما تزال حماية الصحفيين ممكنة؟”، يسّرت النقاش خلالها زريلدا حداد، بمشاركة كل من؛ نائب مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هيومن رايت وتش آدم كوجل، ونقيب الصحفيين التونسيين زياد دبار، والصحفية والباحثة المصرية فيولا فهمي.
وافتتحت حداد النقاش بالتشديد على أن الحديث عن حماية الصحفيين لا ينفصل عما يجري في غزة التي يتعرض الصحفيون فيها لانتهاكات خطيرة وممنهجة، مؤكدة أن الفجوة كبيرة بين المؤشرات الرقمية المعلنة وبين الواقع الميداني الذي يعكس حجم المأساة.
من جانبه أوضح دبار أن المؤشرات الرقمية تعاني من قصور ناتج عن اختلاف المنهجيات وتباين المواقف السياسية للمنظمات الدولية. موضحًا ضرورة التمييز بين أشكال الانتهاكات المختلفة، مثل؛ المنع من العمل، والاعتداءات الجسدية، والمضايقات، مشددًا على أنَّ السلامة المهنية يجب أن تتحول إلى ثقافة راسخة داخل المؤسسات. وأشار إلى أن التحضير للتغطيات الصحفية يتطلب تدريبًا متكاملًا يشمل الاستعداد قبل المهمة والتعامل مع تبعات النشر، خاصة في ظل بيئة مليئة بالمخاطر في المنطقة.
وبدورها قالت فهمي إن التقرير الأخير لمنظمة مراسلون بلا حدود أظهر أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي الأكثر خطورة على الصحفيين عالميًا، في ظل موجة من الاعتداءات والتهديدات والانتهاكات التي يتعرضون لها.
وأضافت أن الأرقام، رغم أهميتها، تظل عاجزة عن عكس حجم المعاناة اليومية التي يعيشها الصحفيون، سواء في مناطق النزاع أو حتى أثناء ممارسة مهامهم الاعتيادية. وأنها تبقى “جافة” لا تجسد الواقع الحقيقي الذي يعيشه الصحفيون لحظة بلحظة خلال التغطيات.
ومن جانبه قال كوجل إن “التحدي الذي نواجهه يتمثل في كيفية تطبيق القوانين الدولية على الأرض وتنفيذها، وكيف ندفع الحكومات إلى الالتزام بذلك”. موضحًا أن هناك تحدٍ يتمثل في الاختلاف بين القوانين الدولية والمحلية، وخصوصًا فيما يتعلق بتعامل القوانين المحلية مع الانتهاكات للقوانين الدولية التي تحدث على أرض الميدان.
واعتبر أن الاختلاف بين تلك القوانين يعود إلى استطاعة إصدار الأحكام وتمييز الانتهاكات بحسب المواثيق والقوانين الدولية وضمن ذلك ما يحدث في قطاع غزة، قائلًا “نستطيع تحديد أن ما يحدث انتهاك أو جريمة حرب، حسب القانون الدولي وهو الأمر الذي لا يتسنى لنا بحسب القوانين المحلية، التي تعيق التزام الحكومة بتطيبق القانون الدولي”.
والمطلوب الآن، بحسب رأي كوجل، ممارسة الضغط على الحكومات من أجل دفعها للالتزام بالقوانين الدولية، بالإضافة إلى تعزيز وتفعيل التعاون مع منظمات المجتمع المدني الفلسطينية التي تعمل على توثيق الجرائم والانتهاكات التي تقع على الأرض، وخصوصا في غزة والضفة الغربية.
والسؤال الأهم من منظوره هو “كيف نترجم هذا التقارير إلى آليات عملية للضغط على الحكومات؟”، وهو أمر يعتقد كوجل أنه ممكن خصوصًا عند النظر إلى ما يجري في غزة حاليًا، رغم أن بعض الحكومات ترى أن ذلك “ليس كافيًا” لتطبيق القوانين الدولية، ومن تلك الحكومات الولايات المتحدة.
وشدد على أن الأهمية استمرار الضغط على الحكومات والمنظمات الدولية من أجل تفعيل القانون الدولي في غزة، مشيرًا إلى تجارب إنسانية سابقة كما حدث في سوريا منذ عشر سنوات وأيضا في الحرب الروسية على أوكرانيا حاليًا.

 

المناخ والتغيير
فيما أقيمت جلسة بعنوان “الإعلام والعدالة المناخية” ويسّرتها الإعلامية المتخصصة في مجالات المناخ والبيئة شيماء عضيبات، وشارك فيها مسؤولة العمل المناخي في أوكسفام صفاء الجيوسي، ومديرة جمعية دبين للتنمية البيئية هلا مراد، ورئيس فريق عمل العدالة المناخية شبكة المنظمات العربية للتنمية حبيب معلوف.
وفي السياق تحدثت مراد أن الإعلام هو اليد الواعية التي هي أساس التغيير والتوعية في تحقيق العدالة المناخية، موضحةً أن المقصود من العدالة المناخية هو استهداف الفئات المهمشة الأكثر ضعفاً وضرراً، وتحقيق محاور وزوايا المناخ وتحقيق الإنجاز، كأكبر تحد يؤرق المجتمع الأردني وهو”قلة المياه”.
وأكدت ضرورة دراسة تأثير تغير المناخ على الفئات المختلفة، والإشكاليات في تحقيق العدالة وأبرزها التمويل المالي وضعفه، وعدم وجود صحافة متخصصة في العمل المناخي والبيئي أي أن غرف الأخبار تفتقر لذلك، وأن التوجه السياسي أحد أهم الأسباب لأنه يحد من التغطية الكبرى إضافة إلى أن المسؤولية السياسية حدت من حرية التعبير والرأي، وهذا ما جعل مسألة المناخ وتغطيته أمر محدد ومقيد.
وأوضحت مراد أن بعض الصحفيين والمؤسسات الإعلامية تخاف من قول الحقيقة والحديث العميق في البيئة حتى لا يُساءل قانونياً أو يلاحق ويفضّل الحياد، غير أنَّ العدالة المناخية تتطلب تحركاً واضحًا ومسؤول من جميع الأطراف.
وأكدت أن النهج المتعدد المستويات يجب أن يهتم بكيفيّة وصول صوتنا للعالم، قائلةً إن ” هذا هو الهدف الذي نعمل لأجله محلياً”، وأن قضايا العدالة المناخية تكمن بكيفيّة صياغتها محليًا حتى تصل عالميًا، موضحة أن الأُطر لا يجب أن تكون للفئة النخبوية وإنما للمواطن للحديث عن قصته.
فيما تحدث معلوف عن القضايا البيئية العربية والإقليمية وشرح أن المنطقة تشهد أزمةً إعلاميّةً كبيرةً في التغطية، وأن هناك صعوبةً في الربط بين الإعلام والقضايا البيئية والتستر على بعض القضايا.
وبيّن أنه تم العمل في المنطقة على إنشاء شبكة متدربين ليكونوا قادرين على التغطية المناخية والتطرق لزوايا محددة داخل المناخ والبيئة، وأن الشبكة ستكون على استعداد للتواجد في أي دولة عربية للمساهمة في القضايا المناخية وتدريب الصحفيين في مجال الإعلام الجديد المتخصص في تطور التغطية المناخية.
وأكد معلوف وجوب التحوّل من مبادرات مناخية قصيرة إلى طويلة المدى ومستمرة وخلق أطر فكرية جديدة وطرق تقييم جديدة، لا سيما وأن الأنظمة المسيطرة الآن حوّلت العالم من منتج إلى مستهلك ما انعكس سلبًا على العالم مناخيًا.
وقال “بما أن الجهات المسيطرة لا تريد التغيير على الشعوب أن تجد تحالفات تتضمن الإعلام والأكاديميين والمهنيين والتحرك للإنقاذ”، مشيرًا إلى ضرورة العمل والعودة إلى القيم التي اعتادها الأجداد تجاه الأرض والبيئة التي “محتها الثورة الصناعية”.
من جهتها أكدت الجيوسي أنَّ الأطر الإعلاميّة لا تحتضن الأصوات التي تنادي بالمناخ، مشيرة إلى أن الدول العربية لا تزال تعتقد أن القادم من دول الشمال وأوروبا هو أفضل من القادم من المنطقة العربية والجنوب وهذا ما سببه الاستعمار وهيمنة دول الشمال وهو ما جعل القضايا المناخية محددة ولا تعالج.
وأضافت أن من السهل الحديث عن المياه والطاقة ولكن بمنعزل عن العدالة المناخية بسبب انعدام الفضاء والسردية التي يجب أن تبدأ من المنطقة العربية، مشددةً على أنَّ المناخ مرتبط بالسياسة ويجب الحديث عن كليهما معًا.

وانطلقت أمس السبت في العاصمة عمّان أعمال ملتقى مستقبل الإعلام والاتصال في دورته الثالثة على مدار يومين تحت شعار الإعلام من الحرية والحماية إلى التمكين والتغيير. ويشارك فيه أكثر من 750 إعلاميًا وإعلامية وناشطًا وصانع محتوى وخبيرًا، إلى جانب ممثلين عن مؤسسات دولية من مختلف أنحاء العالم.

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى