عربي ودولي

تحليل استشرافي: كيف يمكن أن يصبح الإعلام في مصر عام 2030؟ قراءة تحليلية في ضوء فعاليات وأفكار منتدى مصر للإعلام – النسخة الثالثة 2025 تقرير: مها البديني

بوست نيوز :-

 

جاءت النسخة الثالثة من منتدى مصر للإعلام 2025 لتؤكد أن المهنة تقف على مفترق طرق حقيقي، حيث لم يعد السؤال حول وجود الإعلام بل حول كيفية استمراره.
تحت شعار «2030.. من سيستمر؟» جمع المنتدى أكثر من 2500 إعلامي وخبير من مصر والعالم، في محاولة لاستشراف مستقبل المهنة وسط تحولات الذكاء الاصطناعي، والتحول الرقمي، وتبدل أنماط الجمهور.
المنتدى، الذي ترأسته نهى النحاس الرئيس التنفيذي لمنتدي مصر للإعلام وشارك في تنظيمه أيمن الشوبكشي رئيس مجلس إدارة المنتدى ، أصبح منصة مركزية للحوار بين الإعلاميين وصنّاع القرار والمنظمين، ليشكل خطوة عملية نحو صياغة “خريطة طريق” للإعلام المصري حتى عام 2030

على هامش الفعاليات، التقت نهى النحاس وأيمن الشوبكشي بكل من المهندس خالد عبد العزيز، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وعصام الأمير، وكيل المجلس، في لقاء ودي تناول سبل تعزيز التعاون بين المؤسسات التنظيمية والإعلامية.
ركز اللقاء على تطوير آليات دعم التحول الرقمي في الإعلام المصري، بما يتماشى مع أهداف الدولة نحو بناء إعلام مسؤول ومهني يعزز الثقة والمصداقية.
هذا اللقاء لم يكن بروتوكوليًا فحسب، بل حمل دلالات مهمة: فالإعلام المستقبلي لا يمكن أن ينفصل عن التنظيم الذكي، القادر على حماية المهنة من الفوضى الرقمية دون تقييد الإبداع أو حرية التعبير.

الذكاء الاصطناعي… التحدي والفرصة
تناول المنتدى بإسهاب أثر الذكاء الاصطناعي في المهنة، باعتباره السلاح الأهم في معركة البقاء.
محمد هاني من الشرق الأوسط عرض تجربة مؤسسته في توظيف الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات ومتابعة الجمهور، مؤكدًا أن التقنية “فرصة وليست خطرًا” إذا أُحسن استخدامها.
بينما حذر كلا من الإعلامي شريف عامر و الدكتورياسر عبد العزيز- المدرب الإعلامي لإدارة المؤسسات الإعلامية- من الإفراط في الاعتماد عليه، لما قد ينتج عنه من محتوى فاقد للروح الإنسانية.
إجمالاً، أكدت المداخلات أن إعلام 2030 سيقوم على دمج التقنية بالعقل البشري، حيث يظل الصحفي هو الضامن للأخلاقيات والصدق.
أما مارك الأسمر المدير الإبداعي في شبكة المشهد وكارينا مهنا المدير التنفيذي لوكالة سبوتنيك باللغة العربية اتفقوا في أن التطوير بأداوت الذكاء الاصطناعي هو أداة لتسهيل المهمة وضرورة.

التحول الرقمي ومعرفة الجمهور
استعرض المنتدى تجارب مؤسسات عربية ودولية في التحول الرقمي مثل الشرق الأوسط وفرانس 24 و سي أن أن، مع التأكيد على أن النجاح لا يتحقق بتقنيات جديدة فحسب، بل بفهم الجمهور وتحديد احتياجاته وسلوكياته.
كما أكد الحضور على أن الإعلام المصري بحلول 2030 يحتاج إلى إعادة بناء نموذجه الاقتصادي والتحريري على أساس تحليل البيانات، والتفاعل اللحظي مع المتلقي، وتعدد المنصات. فالتحول الرقمي ليس مجرد تحديث شكلي بل ثقافة مؤسسية جديدة.

المهنية والشفافية كضمان للاستمرار
أكدت كارولين فرج رئيس تحرير سي أن أن في المنطقة العربية، من أن “التحقق من المحتوى هو جوهر العقد بين المؤسسة والجمهور”، وهو ما يعكس إدراكًا بأن المصداقية هي رأس مال الإعلام في عصر التضليل والذكاء الاصطناعي التوليدي.
كما شددت نهى النحاس الرئيس التنفيذي للمنتدي المصري للإعلام على أن التحدي الحقيقي يتمثل في تحقيق التوازن بين التكنولوجيا والمهنية، والحفاظ على الاستقلالية في بيئة سريعة التغير.
وبذلك فإن بقاء الإعلام المصري حتى 2030 مشروط بقدرته على الجمع بين الاحتراف التقني والنزاهة التحريرية.
التعليم والتأهيل… بناء الجيل القادم
من أبرز مخرجات المنتدى برنامج التدريب الإعلامي المشترك مع سي ان أن ، الذي درب 60 طالبًا من الجامعات المصرية على إنتاج القصص الصحفية الرقمية.
توضح هذه المبادرات أن مستقبل المهنة لن يُبنى على “الموهبة التقليدية” فقط، بل على مهارات السرد المتعدد المنصات، وصحافة الموبايل، وتحليل البيانات.
ومن ثم فإن تطوير التعليم الإعلامي وتحويله إلى منظومة تطبيقية سيكون أحد المفاتيح الحاسمة لبناء إعلام مصري قادر على المنافسة الإقليمية والدولية.
تدريبات من المدربين العرب والأجانب

كلا من المدربين المصريين محمد زيدان ، هاجر هشام ، أحمد عاطف رمضان، نادر ابراهيم ، أحمد رجب ، ابانوب عماد، عمرو عراقي
والمدربين العرب والأجانب سارة عبد الله، تيمي سيفاك، خالد البرماوى، كليغارد، اجتمعوا على ضرورة التحقق من المعلومات واستخدام أدوات للتحقق.

 

قراءات في التحول الرقمي
أما هيثم الصاوي من قناة الغد، بوريس فان، باميلا كاسروانى، نايل هيل، أكدوا على ضرورة التحول الرقمي واستخدام سبل التطوير لإستقطاب المشاهدين لمحتوى مختلف.

الإعلام والبعد الإنساني في التغطيات – نموذج “غزة… التغطية مستمرة”
لم تغب القضايا الإنسانية والسياسية عن أجندة المنتدى، حيث تناولت إحدى الجلسات المهمة موضوع “غزة.. التغطية مستمرة” ، مؤكدة أن الدور الأخلاقي للإعلام لا يقل أهمية عن تطوره التقني
ناقش المشاركون أهمية أنسنة القصة الصحفية، أي تقديم الإنسان في قلب الحدث لا الحدث وحده، خصوصًا بعد فترات الحروب والصراعات.
أكد يوسف الأستاذ المدير بقناة الغد على أن التغطية المهنية لا تنتهي بانتهاء الحرب، بل تبدأ بعد الصمت، حين يحتاج المتضررون لصوت يوثق معاناتهم بإنسانية ومسؤولية.
هذا البعد الإنساني يعيد التذكير بأن الذكاء الاصطناعي مهما بلغ لن يفهم الألم البشري أو يعبر عنه كما يفعل الصحفي الحقيقي، وأن جوهر المهنة سيبقى مرتبطًا بقدرتها على حمل القضايا الإنسانية بصدق.

يؤكد منتدى مصر للإعلام أن الإعلام المصري في 2030 لن يُقاس بعدد القنوات أو حجم الانتشار، بل بقدرته على صناعة الوعي وبناء الثقة وحماية الحقيقة.
ومع الحضور التنظيمي والتقني القوي الذي مثله المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، ورؤية نهى النحاس وأيمن الشوبكشي التي جمعت الفكر المهني بالتعاون المؤسسي، يمكن القول إن الطريق إلى 2030 أصبح أوضح.
سيبقى من يتقن فن التوازن بين التكنولوجيا والمصداقية، بين الذكاء الصناعي والذكاء الإنساني، وبين التغطية التقنية والتغطية الإنسانية كما في “غزة… التغطية مستمرة”.

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى