منظمات عربية ودولية تطلق نداءً عالميًا عاجلًا: السودان على حافة مجاعة جماعية

بوست نيوز :-
19 تشرين الثاني/نوفمبر 2025
أصدرت مجموعة من المنظمات العربية والدولية بيانًا عاجلًا يدعو إلى تحرك دولي فوري لوقف التدهور الإنساني غير المسبوق في السودان وقعت عليه 81 منظمة ومؤسسة دولية وعربية، في ظل تصاعد أزمة الجوع واتساع رقعة النزاع المسلح منذ أبريل 2023. ويأتي البيان في ظل تحذيرات أممية من كارثة إنسانية تحدث الآن وسط تقارير ميدانية توثق تدهور الأوضاع بشكل خطير في المناطق المحاصرة وارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي إلى مستويات كارثية.
وتضمّن البيان خمسة مطالب رئيسية موجّهة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية والبرلمان العربي والبرلمان الإفريقي، شددت على ضرورة اتخاذ كافة التدابير الأمنية والسياسية والاتفاقيات اللازمة لسلام دائم في كل أرجاء السودان؛ وتشكيل آلية دولية محايدة لمراقبة وصول المساعدات ومنع تسييس أو عسكرة الغذاء، وضمان ممرات إنسانية آمنة بإشراف الأمم المتحدة؛ ووقف التدخل الأجنبي واحترام سيادة السودان والتزامات الدول خارج نطاق أراضيها ومحاسبة الجهات الخارجية التي تغذي النزاع؛ والتحقيق الفوري والمحاسبة الدولية لمرتكبي الانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين، وضمان تقديم المسؤولين عنها وداعميهم للعدالة وفق القانون الدولي؛ بالإضافة إلى زيادة التمويل الدولي العاجل لدعم عمليات الإغاثة وبرامج التغذية، وإطلاق مبادرات دولية قوية ومستدامة لإنقاذ السودان من الانهيار الاقتصادي والإنساني، مع التركيز على دعم القطاع الزراعي وتمكينه من استعادة دوره الحيوي في تحقيق الأمن الغذائي وتمكين المجتمعات المحلية. علماً أن تلبية هذه المطالب يمثل الحد الأدنى لمنع الانهيار الكامل للوضع الإنساني وضمان حماية المدنيين.
وأكدت الجهات الموقعة أن استمرار الصراع المسلح، وتدمير البنية التحتية الزراعية، وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية، إضافة إلى الانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين، يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية مُلحّة للتحرك العاجل. ويهدف البيان إلى حشد الجهود الدولية والإقليمية لوقف الحرب، حماية المدنيين، وتأمين الممرات الإنسانية، إلى جانب ضمان محاسبة مرتكبي الجرائم ودعم القطاع الزراعي لاستعادة دوره الحيوي في تحقيق الأمن الغذائي.
نص البيان:
دعوة عاجلة لتحرك دولي فوري في السودان
يشهد السودان واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية من صنع الإنسان في تاريخه الحديث منذ اندلاع النزاع المسلح في أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع المتمردة المدعومة من قوى خارجية تسعى إلى استدامة الحرب لتحقيق مكاسب اقتصادية واستراتيجية، خصوصاً فيما يتعلق بموارد السودان الطبيعية وموقعه الحيوي في القرن الإفريقي.
وبلغ الوضع الغذائي في السودان مستويات كارثية غير مسبوقة، مدفوعاً بعدة عوامل متداخلة، أهمها تدمير البنية التحتية الزراعية والمزارع نتيجة القتال والهجرة القسرية وترك الأراضي الزراعية، بالإضافة إلى اضطراب سلاسل الإمداد الغذائي بما في ذلك طرق النقل والأسواق والتجارة الداخلية والخارجية. كما أدى منع وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة أو المتضررة بشدة، إلى تفشي المجاعة، في ظل ارتفاع أسعار الغذاء وتدهور الأوضاع الاقتصادية العامة، مما جعل القدرة الشرائية للسكان ضعيفة للغاية.
وفقًا لبيانات برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، يواجه أكثر من24.6 مليون شخص – أي أكثر من نصف سكان السودان – انعداماً حاداً للأمن الغذائي، بينما يواجه أكثر من 600 ألف شخص مستويات من الجوع الكارثي (المرحلة الخامسة وفق التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي). تتدهور الأوضاع بسرعة في المناطق المحاصرة مثل الفاشر ودارفور الكبرى، حيث تم قطع طرق المساعدات لأكثر من 500 يوم. وأشارت تقارير ميدانية إلى أن المدنيين اضطروا لاستهلاك علف الحيوانات أو نباتات برية للبقاء على قيد الحياة.
وحذّرت الأمم المتحدة في فبراير 2025 من خطر “وفاة جماعية بسبب المجاعة“، مؤكدة أن استخدام التجويع كسلاح حرب يُعد جريمة حرب بموجب القانون الدولي. كما أفاد برنامج الأغذية العالمي بأن أكثر من 40٪ من المناطق المتضررة لا يمكن الوصول إليها بسبب القيود الأمنية والحصار.
وقد ارتكبت قوات الدعم السريع جرائم مروعة ضد المدنيين، خصوصاً النساء والفتيات، شملت القتل العمد، الاغتصاب، الاختطاف، والتعذيب، إلى جانب تدمير المنازل والبنية التحتية الحيوية. هذه الانتهاكات تمثل جرائم ضد الإنسانية وفق القانون الدولي وتشكل جزءاً من استراتيجية إرهابية ممنهجة لترهيب السكان المدنيين والسيطرة على الموارد والمناطق.
يحثّ الأطراف الموقّعون على هذا البيان المجتمعَ الدولي — بما في ذلك الأمم المتحدة وسائر المنظمات الدولية، والمنظمات الحكومية الإقليمية مثل الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي، ومنظمة التعاون الإسلامي، وجميع الدول الأعضاء، ومنظمات المجتمع المدني، فضلاً عن الشركات المتواطئة أو الداعمة — على اتخاذ إجراءات عاجلة ومنسّقة لوضع حدٍّ للأزمة المتفاقمة في السودان، وذلك من خلال التدابير التالية:
1. اتخاذ كافة التدابير الأمنية والسياسية والاتفاقيات اللازمة لسلام دائم في كل ارجاء السودان.
2. تشكيل آلية دولية محايدة لمراقبة وصول المساعدات ومنع تسييس أو عسكرة الغذاء، وضمان ممرات إنسانية آمنة بإشراف الأمم المتحدة.
3. وقف التدخل الأجنبي واحترام سيادة السودان والتزامات الدول خارج نطاق أراضيها ومحاسبة الجهات الخارجية التي تغذّي النزاع.
4. التحقيق الفوري والمحاسبة الدولية لمرتكبي الانتهاكات الجسيمة من قوات الدعم السريع المتمردة ضد المدنيين، النساء والأطفال والرجال، بما في ذلك جرائم القتل، والاغتصاب، والاختطاف، والتعذيب، والتجويع، وضمان تقديم هؤلاء المسؤولين للعدالة بالإضافة الى داعميهم وفق القانون الدولي.
5. زيادة التمويل الدولي العاجل لدعم عمليات الإغاثة وبرامج التغذية للأطفال والنساء الحوامل، وإطلاق ودعم مبادرات دولية قوية ومستدامة لإنقاذ السودان من الانهيار الاقتصادي والإنساني، مع التركيز على دعم كل المبادرات التي تعزز القطاع الزراعي وتمكّنه من استعادة نشاطه بشكل كامل، لضمان الأمن الغذائي طويل الأمد وتمكين المجتمعات المحلية من النهوض والاعتماد على ذاتها.
صمت العالم عن المأساة في السودان هو تواطؤ مع الإجرام والجوع، كل يوم تأخير يعني مزيدًا من الأرواح المفقودة، الأمر الذي يقوّض استقرار السودان والاستقرار الإقليمي في المنطقة. والمجتمع الدولي مطالب الآن، أكثر من أي وقت مضى، باتخاذ موقف حازم لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات دون عوائق.
الموقعون:






