محليات

في اليوم العالمي للتلفزيون.. الاعلام الملتزم يواجه مخاطر النشر الرقمي

بوست نيوز : 

في ظل التحول الرقمي المتسارع، يواجه التلفزيون التقليدي تحديات متنامية تستدعي إعادة تحديد دوره في المجتمع الحديث، وفق ما يؤكده خبراء وإعلاميون. وتشير بيانات هيئة الإعلام المرئي والمسموع إلى وجود نحو 19 محطة فضائية مرخصة في الأردن.

وبمناسبة اليوم العالمي للتلفزيون، الذي يصادف اليوم الجمعة، شدد مختصون في تصريحاتهم لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) على أهمية الإعلام المسؤول في ترسيخ الحقيقة والقيم الأخلاقية، مؤكدين أن التلفزيون لا يزال وسيلة مؤثرة في تشكيل الوعي والثقافة والرأي العام، بعد أن تحوّل من مجرد أداة ترفيه وإخبار إلى عنصر أساسي في نسيج المجتمع.

كما أشادوا بجهود الأردن في تطوير الإطار التشريعي الناظم لقطاع الإعلام، ولا سيما المرئي والمسموع، باعتباره نموذجاً يعكس الإدراك الرسمي لدور التلفزيون في تعزيز الوعي العام.

وقال أستاذ الإعلام الرقمي المشارك ومدير مركز التدريب الإعلامي في جامعة الشرق الأوسط الدكتور محمود الرجبي، إن منصات البث الرقمي أحدثت تحولاً كبيراً في عادات المشاهدة لدى الأردنيين، خصوصاً الشباب وسكان المدن. وأوضح أن التلفزيون التقليدي بات يُستخدم غالباً لمتابعة الأخبار والفعاليات الوطنية والدراما الموسمية، في حين اتجه الجمهور نحو منصات مثل “نتفليكس” و”يوتيوب” والمنصات العربية لمشاهدة الأفلام والمسلسلات بمرونة أكبر عبر الهواتف الذكية.

وبيّن الرجبي أن أبرز التحديات التي تواجه التلفزيون التقليدي تشمل تراجع نموذج الإعلان التلفزيوني وهجرة المعلنين إلى المنصات الرقمية ذات الاستهداف الدقيق، وضعف بيانات الجمهور، وارتفاع كلفة التحول التقني، إلى جانب تعقيدات حقوق الملكية الفكرية. ومع ذلك، أكد أن هذه التحديات تتيح فرصاً مهمة، مثل إنتاج محتوى محلي عالي الجودة قابل للتسويق عالمياً، وإنشاء منصات رقمية جديدة، واستثمار الأرشيف التلفزيوني، وربط الشاشة التقليدية بوسائل التواصل لبناء مجتمع تفاعلي حول البرامج.

ودعا الرجبي إلى تبني أنظمة قياس جديدة تدمج المؤشرات التقليدية مع البيانات الرقمية مثل المشاهدات عند الطلب، ومدة التفاعل، ونِسَب إكمال المحتوى، إضافة إلى استطلاعات الرأي. كما شدد على أهمية تطوير لوحات قياس متكاملة تربط بيانات البث الأرضي والفضائي والرقمي لتوفير صورة شاملة ودقيقة عن نسب المشاهدة.

من جانبه، أكد أستاذ علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية المشارك في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور يوسف محمد الشرمان، أن التلفاز ما يزال وسيلة مركزية في معظم البيوت، ويلعب دوراً رئيسياً في تشكيل السلوكيات والثقافة العامة، حتى أنه حلّ في بعض الحالات محل الأسرة والمدرسة في عملية التنشئة الاجتماعية.

وأشار إلى أن التلفزيون يغرس القيم المجتمعية من خلال أساليب متعددة تعتمد على التكرار والمشاهدة، مبيناً أن تنوع المحتوى يجعله قريباً من مختلف الفئات. وأضاف أن التلفاز لم يعد مجرد منصة ترفيهية أو إخبارية، بل أصبح جزءاً من الهوية الثقافية، عبر محتوى يعزز التراث واللغة العربية والقيم الدينية، خصوصاً لدى النشء.

وتطرق الشرمان إلى نظرية “الغرس الثقافي” التي تؤكد أن التعرض المستمر للتلفزيون يسهم في تشكيل تصورات الجمهور عن الواقع، وأن تأثير الرسالة يعتمد على مصداقية المصدر وجاذبية المحتوى. كما لفت إلى دور التلفاز في توجيه السلوكيات والحد من السلوكيات السلبية، مشيراً إلى أن جائحة كورونا كانت مثالاً على تأثير الرسائل الإعلامية في تغيير بعض العادات المجتمعية.

بدوره، قال أستاذ القانون الدستوري في الجامعة الأردنية الدكتور ليث نصراوين إن الأردن قدّم نموذجاً متقدماً في تطوير التشريعات المنظمة لقطاع الإعلام، بما يعكس إدراكاً رسمياً لأهمية التلفزيون في تكوين الوعي العام وصناعة الرأي. وأوضح أن التعديلات الدستورية لعام 2011 عززت حرية التعبير ووضعت ضمانات قانونية واضحة لعمل وسائل الإعلام، ومنعت تعطيلها أو إغلاقها إلا وفق القانون.

وأضاف أن المادة (15) من الدستور بصيغتها المعدلة شكّلت مظلة تشريعية أساسية وضعت على عاتق المشرّع مسؤولية تحديث التشريعات الإعلامية، وتحقيق التوازن بين الحرية والمسؤولية المهنية. وبيّن أن قانون الإعلام المرئي والمسموع لعام 2015 يعد المرجع الأهم في تنظيم العمل التلفزيوني، بما يتضمنه من معايير للترخيص والمحتوى وحماية الجمهور وتنظيم سوق الإعلان، ومنع الاحتكار، وضبط البث الفضائي والرقمي.

كما أشار إلى دور قانون الاتصالات لعام 1995 في تنظيم الطيف الترددي، وقانون المطبوعات والنشر وتعديلاته في إدخال النشر الإلكتروني ضمن إطار المسؤولية القانونية، إلى جانب أهمية قانون ضمان حق الحصول على المعلومات لعام 2007 في تعزيز الشفافية ورفع مستوى المهنية الإعلامية. وأكد أن تشريعات الملكية الفكرية أسهمت في حماية المحتوى التلفزيوني، بينما قدّم قانون الجرائم الإلكترونية حماية ضرورية للفضاء الإعلامي من القرصنة والأخبار المضللة والاعتداءات الرقمية.

ويشار إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة حددت يوم 21 تشرين الثاني يوماً عالمياً للتلفزيون، تخليداً لذكرى انعقاد أول منتدى عالمي للتلفزيون، واعترافاً بدوره المتنامي في إيصال المعلومات وصنع القرارات والتأثير في الرأي العام والسياسات العالمية.

 

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى