اراء وأقلام

المرأة بين الدين والعُرف بقلم: نادية إبراهيم نوري

بوست نيوز :-

 

لطالما هاجم العلمانيون الدين الإسلامي، مدّعين أنه دين ظلم المرأة وسلبها حقوقها وقيّد حريتها، ووضعها في منزلة أدنى داخل المجتمع. غير أن هذه الادعاءات لا تمتّ إلى الحقيقة بصلة؛ بل على العكس تمامًا، فقد كرّم الإسلام المرأة ورفع مكانتها، وجعل لها منزلة رفيعة.

نبدأ بالأم؛ فقد ساوى القرآن الكريم بين الأم والأب، وذكر الوالدين معًا في أكثر من موضع، دون تفضيل أحدهما على الآخر. كما قال تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ﴾، والقِوامة هنا تعني الرعاية وتحمل المسؤولية، لا التحكم أو السيطرة كما يروّج البعض.

وقد شرّف الله النساء بأن جعل سورة كاملة باسمهن، هي سورة النساء، كما خُلّد اسم السيدة مريم عليها السلام في سورة كاملة تحمل اسمها. وفي باب التكليف الشرعي، ساوى الله تعالى بين الرجل والمرأة، فذكر المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، كما ساوى بينهما في العقاب؛ فقال: السارق والسارقة، والزاني والزانية، بعقوبة واحدة دون تمييز.

أما قصة آدم وحواء، فقد أوضح القرآن الكريم أن الشيطان وسوس لهما معًا، فعصيا الله معًا، وكان العقاب واحدًا، إذ أُخرجا من الجنة معًا، لا كما يُشاع أن حواء أغوت آدم. قال تعالى:
﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ﴾.

كما منح الإسلام المرأة حق طلب التطليق (الخُلع) إذا خشيت عدم إقامة حدود الله، وأوجب على الزوج النفقة لها ولأبنائها بعد الطلاق، وأكّد ذلك بنصوص قرآنية واضحة.

وفي السنة النبوية، كانت آخر وصايا الرسول ﷺ في حجة الوداع التأكيد على الصلاة والإحسان إلى النساء، ووصفهن بالقوارير، وعندما سُئل عن أحق الناس بحسن الصحبة قال: أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك. وقد وردت أحاديث كثيرة تؤكد مكانة المرأة ووجوب الإحسان إليها.

كما فرض الإسلام للمرأة مهرها، وأوجب على الزوج تجهيز مسكن الزوجية والإنفاق على الأسرة، وأقرّ للمرأة ذمة مالية مستقلة، لها كامل الحرية في التصرف بمالها دون إذن من زوج أو أب أو أخ.

كل هذه التشريعات وُضعت قبل أكثر من 1400 عام، لكننا اليوم نشهد تراجعًا مؤسفًا، إذ طُولبت المرأة العاملة بتحمّل أعباء المنزل كاملة، والمساهمة في النفقة، بل ومشاركة أهلها في تجهيز بيت الزوجية، رغم أن ذلك لم يفرضه الدين. كما أُلزمت المرأة وإن كانت في أعلى المناصب برعاية الأسرة وحدها، من أعمال منزلية وتربية الأبناء ومتابعة شؤونهم كافة.

بل تجاوز البعض ذلك، فطالب بمنع المرأة من العمل أو زيارة أهلها بحجة قوله تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾، متناسين أن المرأة في عهد الرسول ﷺ شاركت في الحياة العامة؛ فحملت السلاح مثل نسيبة بنت كعب (أم عمارة) وخولة بنت الأزور، وداوت الجرحى مثل رفيدة الأسلمية، وكانت فقيهة ومعلّمة مثل السيدة عائشة رضي الله عنها، والسيدة حفصة، والسيدة نفيسة حفيدة الإمام الحسن بن علي رضي الله عنهما.

ختامًا، فإن الحديث يطول عن المكارم التي منحها الإسلام للمرأة. وما نحتاجه اليوم هو فهم الدين فهمًا صحيحًا، وعدم الانسياق وراء أعراف وأفكار هدّامة شوّهت صورة المرأة، وحوّلتها إلى سلعة، ودفعَتها لاستخدام جسدها بدل عقلها وعلمها، في حين أن الإسلام أراد لها الكرامة، والعلم، والمكانة الرفيعة

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى