اراء وأقلام

الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية قبر فكرة الساميّة المضطهدة لتصبح الساميّة الإرهابيّة المحامي الأستاذ الدكتور جهاد الجراح

بوست نيوز :-

في يوم الجمعة التاريخي صدر الرأي الإستشاري لمحكمة العدل الدولية ، وكان ذلك بناءً على طلب من
الجمعية العامة للأمم المتحدة ،
.
حيث كان هذا مسنودًا بطلب من الأردن ومجموعة الدول العربية
ويعد هذا القرار انتصاراً كبيراً للشعب الفلسطيني و إدانة للكيان الإسرائيلي واحتلاله وسياساته
الإستيطانية والعنصرية والضم غير الشرعي للأراضي المحتلة بما فيها القدس الشريف ، وهو مكسب
قانوني وسياسي تار
يخي وكبير للقضية الفلسطينية وهزيمة قضائية مدوّ ية لرواية ومز
اعم الإحتلال
الصهيوني في لحظة تاريخية وبعد عقود من الإحباط ، وفي وقت يواجه فيه الشعب الفلسطيني إبادة
جماعية شرسة في قطاع غزة والضفة الغربية .
وهذا الرأي صادر عن المحكمة بموجب وظيفتها الإستشارية ، ح
يث لها وظيفتان
: الأولى

قضائية
– ملزمة ، والثانية
استشارية ( افتائية ) غير ملزمة ، ونقول ان ما صدر اليوم هو رأي استشاري وليس
قرار قضائي ، فالأخير فقط يحتوي عنصر الإلزام .
وقد يتساءل البعض عن الجدوى من هذا الرأي الذي لا يتضمن عنصر الإلزام ، وفي الأجابة
عن ذلك
نقول ان لهذا الرأي أهمية كبيرة من الناحية السياسية بالنسبة للقضية الفلسطينية ، وذلك ان المحكمة
قررت في صلب قرارها ان اسرائيل كيان ينتهك قواعد القانون الدولي العام ولا يحترم الإتفاقيات الدولية
كالإتفاقيات المتعلقة بحقوق الانسان مثل اتفاقية مكافحة ال
تمييز لسنة
1965
، كما لم تحترم اتفاقيات
1949 جنيف الأربعة لسنة
وخصوصا الإتفاقية الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين ، كما أكد الرأي للمجتمع
الدولي على ان الكيان الإسرائيلي هو دولة محتلة ، وبذات الوقت أكد على حق
الشعب الفلسطيني في
تقرير مصيره.
وعلى صعيد آخر فإ
ن لهذا الرأي أهمية قانونية لا تقل عن أهميته السياسية للأسباب التالية :
أولا : أنه صادر عن أعلى هيئة قضائية دولية في العالم .
ثانيا : أن هذا الرأي يسند الى القانون الدولي العام ، القانون الدولي لحقوق الإنسان ، العرف الدولي ،
وكذلك القانون الدولي الإنساني
، وبالتالي يجب على الدول احترامه .
ثالثا : يؤخذ هذا الرأي كمستند أو متكأ قانوني لأي دولة عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة ان تطلب
استصدار قرار من الجمعية العامة متضمنا الرأي الإستشاري .
رابعا : إن الكيان الإسرائيلي دائما يدعي ويحمّل مظلومية الهولوكوست
للعالم ، بينما جاء هذا القرار
ليقلب الطاولة عليه ويسقيه من نفس الكأس ، فأدانه بارتكاب جرائم دولية بذات الموضوع والمضمون .
اما أهم
مضامين الرأي الإستشاري للمحكمة فهي :
أولا : أكد على عدم شرعية الإستيطان .
ثانيا : أكد على ان ما يقوم به الكيان الإسرائيلي م
خالف لقواعد القانون الدولي العام واتفاقية مكافحة
1965 التمييز لسنة
، حيث انه شجع أو تغاضى عن أعمال المستعمرين ( المستوطنين ) .
ثالثا : أكد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واستغلاله لثرواته الطبيعية .
رابعا : أكد على ان كل الأراضي التي يسيطر عليها ا
لكيان منذ عام
1967
هي أراضي واقعة تحت
الإحتلال ، وان كل ما يقوم به المحتل غير قانوني ويحمل صفة التأقيت وعدم الديمومة ، وان الكيان
. 1967 الإسرائيلي موجود بشكل غير شرعي في الأراضي الفلسطينية المحتله عام
لسطيني وإبعاده عن أرضه يعد تهجيراً قسرياً خامسا : ان ما يقوم به الإحتلال من جرائم بحق الشعب الف
وهذه جريمة من جرائم القانون الدولي العام ، وان المحكمة لا تعترف بأي تغيير ديموغرافي من اسرائيل
1967 في أي أرض منذ
بما فيها القدس الشرقية .
سادسا : لعل هذه النقطة القانونية تعد من أهم ما جاء في رأي المحكمة حيث أكد
على ان ما تقوم به
اسرائيل من تشريع أو سن قوانين داخلية مخالفة للقانون الدولي العام لا يعتد بها مثل قانون مصادرة
أملاك الغائبين وكذلك قوانين الضم .
وانه من بالغ الأهمية على صعيد القانون الدولي القول ان المحكمة أثبتت وبسطت ولايتها القانونية
واختصاصها بالنظر
في مثل هذا النوع من القضايا ، لان الكيان دائما كان يدعي بأن المحكمة لا تختص
بمثل هذه القضايا وأنها تخرج عن ولايتها ، حيث أثبتت المحكمة ان هذه مسألة قانونية خالصة تفسر
قواعد القانون الدولي العام والإتفاقيات الدولية .
وبنتيجة ما سبق نستطيع القول ان هذا الر
أي من المحكمة أسقط فكرة معاداة السامية عمّن ينتقد اسرائيل
، لأن هذه الفكرة كانت الشماعة التي تعلق عليها دولة الكيان أي قرار ضدها ، حيث ان هذا القرار صادر
عن أعلى هيئة قضائية دولية وعالمية بالقانون الدولي ، وبالتالي فإنه قبر فكرة السامية المضهدة وحوّ لها
لتص
بح السامية الإرهابية ، إضافة الى سيحكم الحصار ويزيد من عزلة الكيان ومؤيديه وقادته ، خصوصا
اذا أخذنا من جهة أخرى ان الكيان الإسرائيلي محاصر من قبل القضاء الدولي في القضية المرفوعة
عليها أمام المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية ، حيث أصدر
المدعي العام للمحكمة

كريم خان

طلب استصدار مذكرات القاء القبض على رئيس وزراء الكيان ووزير دفاعيه .
إن هذا القرار يعد خطوة كبيرة و جوهرية في الاتجاه الصحيح لمحاسبة اسرائيل على جرائمه و وضع حد
لعربدتها من قبل المجتمع الدولي على طريق تنفيذ قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية
، خصوصا أن المحكمة طلبت من الأمم المتحدة و منظماتها و من جميع الدول
احترام هذا القرار ، و من
جهة أخرى سيشكل هذا أداة ضاغطة على الرأي العام الشعبي العالمي ، و ما مظاهرات الجامعات
الأمريكية و الغربية و شوارعها عنا ببعيد
.
و في الأردن فإن المملكة كانت أول دولة تتخطى الحواجز و تكسر الحصار عن غزة برا و جواً و إرسال
المستشفيات
الميدانية و إمدادها بما يلزم ، و مشاركة جلالة الملك شخصياً و ولي عهده بهذه العمليات
تجسيداً للإرث الهاشمي في مساندة الأشقاء الفلسطينيين ، كما أن جهود جلالة سيدنا الذي كان دوماً
يحمل هذا الملف و يقدمه لدول العالم و قادته و يحذر من خطورته على الأمن و السلم
الدوليين و
خصوصاً منطقة الشرق الأوسط ببيان أسباب هذا النزاع و انعكاساته و خطورة انتهاك حقوق الشعب
الفلسطيني .
كما كان الصوت الرسمي الأردني دائماً متقدماً على الصوت الشعبي ببيان أنه لن يكون هناك أمن و سلام
دون حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه التاريخية و
السياسية على أرضه و قيام دولته على ترابه
الوطني و عاصمتها القدس الشريف

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى